صفحة:لماذا تأخر المسلمون.pdf/109

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

رواه البخاري ومسلم . ومن أغرب الغرائب ان هؤلاء الافرنج الذين لا يفتأون ينعتون الاسلام بالجبرية وينسبون تأخر المسلمين الى هذه العقيدة - التي كان يقول بها فئة قليلة من المسلمين - يذهلون عما هو وارد في الانجيل من آيات القضاء والقدر التي تماثل ما في القرآن وقد تزيد عليه مثل قوله : لا تسقط شعرة من رؤرسكم إلا بإذن ابيكم السماوي . ومثل آي كثيرة لو أردت استقصاءها لطال المقال. ولا نجد في الافرنج الذين هم مغرمون بالعمل وهائمون وراء الكسب و منكرون للقضاء والقدر في الجملة ، إلا من يقرأ الانجيل الشريف ويقدسه ويعجب بمبادئه السامية كما تعجب بها نحن. فما بالهم نسوا ما فيه من آيات. القضاء والقدر ؟ وما بالهم لم يصفوا أقوال المسيح صلوات الله عليه بالجبرية ؟ يُحلونَهُ عَاماً وَيُحَر وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً (١) وحقيقة الأمر ان كل ما هو وارد في الانجيل وكل ما هو وارد في القرآن من آيات القضاء والقدر إنما كان مقصوداً بــه سبق علم الله بكل مــا يقع (٢) ولم يكن مقصوداً به نفي الاختيار والتزهيد في الكسب (١) التوبة : من الآية ٣٨ . (۲) هذا التفسير قول لبعض المتكلمين وهو ان تعلق علم الله بوجود المخلوقات في الأزل هو القضاء ووجودها على وفق العلم هو القدر ، وقال بعضهم انه تعلق الارادة الخ . والتحقيق ان القدر والمقدار هو النظام الذي جرت به سنن الله تعالى في التكوين والتدبير والاسباب والمسببات كما يفهم من نصوص الايات كقوله تعالى: (وان) من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم ) . وقوله : (وأنزلنا من السماء ماء بقدر الايمة - وقوله في نظام جعل النطفة في الرحم : (الى قدر معلوم ) وقوله : ( ثم جئت على قدر يا موسى ( وقد حققنا المسألة في المنار والتفسير مراراً (و).

١١١

١١١