لا وكما ظن المسلمون انهم لا يحسنون شيئاً من المشروعات العمرانية وانه لا بد لهم من الاوروبي حتى يدخلوا الاصلاح في بلادهم وانه من دون الافرنجي يقدرون على أية عمارة ولا مرفق ذي بال ، كذلك ذهبوا الى انه لا حظ لهم في الأعمال الاقتصادية أصلا وان كل مشروع اقتصادي إسلامي صائر الى الحبوط إن لم تكن له أركان افرنجية وقد طال نومهم على هذه العقيدة الفاسدة حق لم يبق في بلادهم شيء اسمه اقتصاد إلا كانت إدارته بأيدي الافرنج أو اليهود وحتى لو دعا منهم داع إلى تأليف شركة تجارية أو صناعية أو زراعية لم يدخلها صاحب رأس مال من المسلمين إلا إذا كانت إدارتها بيد افرنجي أو يهودي. وكلمة الجميع عندهم : نحن لا يخرج من أيدينا عمل ولا تصلح لشيء وقد بقي اليهود والافرنجة يتمتعون بخيرات بلاد الإسلام قرونا وحقباً طوالاً دون مزاحم ولا مراغم ويستدرون فيها أخلاف كل صنعة ويستورون زناد كل مرفق إلا ما ليس له بال حتى ولو قدر ما ضاع على المسلمين في ظل هذا الوهم بالمليارات وعشرات المليارات ما كانت فيه مبالغة وكأن المسلمين لم يوجدوا في الدنيا إلا عملة أو اكرة يشتغلون بأيديهم ولا يشتغلون بعقولهم . وبهذا السبب خلا الميدان في بلاد الإسلام لأصناف الاجانب يركضون فيه جياد قرائحهم وعزائمهم ويجمعون الثروات التي ليس وراءها متطلع لمزيد وذلك على ظهور المسلمين ومن أكياسهم . وقد يكثر التحدث بما يصيب الأجانب من هذه المكاسب الطائلة التي كان أهل الإسلام أولى بها لأنها من بلادهم ولا تحفزهم همة ولا تأخذهم غيرة فيجربوا الحب في الحلبات الاقتصادية الى أن نبغ في مصر محمد طلعت باشا حرب، فكان في هذا الباب أمة وحده وأدرك بواسع عقله وثاقب فكره ان ليس في هذا الموضوع شيء يفوق طاقة المسلمين ولا مما يتعذر وجود أدواته عندهم وان قصورهم فيه عن مباراة
١٤٨