في العالم الإسلامي بعد أن كان منذ ألف سنة هو الصدر المقدم، وهو السيد المرهوب المطاع بين الأمم شرقاً وغرباً، فقبل أن نبحث في أسباب الارتقاء فنقول:
أسباب ارتقاء المسلمين الماضي:
إن أسباب الارتقاء كانت عائدة في مجملها إلى الديانة الإسلامية التي كانت قد ظهرت جديداً في الجزيرة العربية فدان بها قبائل العرب، وتحولوا بهدايتها من الفرقة إلى الوحدة ، ومن الجاهلية الى المدنية ، ومن القسوة إلى الرحمة، و من عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد ، وتبدلوا بأرواحهم الاولى أرواحاً جديدة ، صيرتهم إلى ما صاروا اليه من عز ومنعة ، ومجد وعرفان وثروة ، وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن ، ولولا الخلاف الذي عاد فدب بينهم منذ أواخر خلافة عثمان وفي خلافة علي رضي الله عنهما لكانوا أكملوا فتح العالم ولم يقف في وجههم واقف.
على ان تلك الفتوحات التي فتحوها في نصف قرن أو ثلثي قرن برغم الحروب التي تسببت بها مشاقة معاوية لعلي والحروب التي وقعت بين بني أمية وابن الزبير قد أدهشت عقول العقلاء والمؤرخين والمفكرين ، وحيرت المفاتحين الكبار، وأذهلت نابليون بونابرت أعظمهم، وله تصريح في ذلك تقبله عنه « لا كاس » الذي رافقه إلى جزيرة سانت هيلانة، وغيره من المقيدين الحوادث نابليون المتبعين لأقواله فقد ثبت ثبوثا قطعياً من أقوال ذلك الفاتح العظيم وسيرته أيام كان بمصر انه كان معجباً بمحمد وعمر وبكثير أبطال الإسلام وان نفسه حدثته لما كان بمصر أن يتخذ الإسلام دينا له.
فالقرآن قد أنشأ إذاً العرب نشأة مستأنفة وخلقهم خلقاً جديداً وأخرجهم من جزيرتهم والسيف في إحدى اليدين والكتاب في الاخرى يفتحون ويسودون ، ويتمكنون في الارض بطولها وعرضها.