وما قولك في عزة دون استحقاق ، وفي غلة دون حرث ولا زرع ، وفي فوز دون سعي ولا كسب ، وفي تأييد دون أدنى سبب يوجب التأييد؟
لا جرم أن هذا مما يغري الناس بالكسل ، ويحول بينهم وبين العمل ، بل مما يخالف النواميس التي أقام الله الكون عليها وهو مما يستوي به الحق والباطل ، والضار والنافع ، والموجب والسالب ، وحاشا الله ان يفعل ذلك. ولو أيد الله مخلوقاً بدون عمل لأيد من دون عمل و محمداً رسوله ولم يحوجه إلى القتال والنزال والنضال ، واتباع سنن الكون الطبيعية للوصول إلى الغاية.
وتصور أمة الله عندها مائة وهي تؤدي من المكنة خمسة فقط ، أتعد نفسها قد أدت ما عليها وهي تطمع في ان يكافئها الله كما كان يكافىء أجدادها الذين كانوا يؤدون المائة مائة ، وإن قصروا عن المائة أدوا بالأقل تسعين او ثمانين منها ؟ كل هذا مخالف لما وعد الله على رسله ومخالف للعقل والمنطق، ومخالف لحكمة التشريع ، وليس هذا هو الشرط الذي شرطه الله على المؤمنين، وليس هذا هو البيع الذي يستبشر به المؤمنون .
قال الله تعالى:
إِنَّ اللَّهَ أَشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبيلِ اللَّهِ فَيَقْتِلُونَ وَيُقْتَلُونَ ، وَعْداً عَلَيْهِ حَقَّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ، وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِن