صفحة:لماذا تأخر المسلمون.pdf/75

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومن اعظم عوامل تقهقر المسلمين الجين والهلع ، بعد ان كانوا اشهر الأمم في الشجاعة واحتقار الموت ، يقوم واحدهم للعشرة وربما للمائة من غيرهم ، فالآن اصبحوا الا بعض قبائل منهم يهابون الموت الذي لا يجتمع خوفه مع الاسلام في قلب واحد . ومن الغريب ان الافرنج المعتدين لا يهابون الموت في اعتدائهم ، هيبة المسلمين اياه في دفاعهم ، وان المسلمين يرون الغايات البعيدة التي يبلغها الافرنج في استحقار الحياة والتهافت على الهلكة في سبيل قوميتهم ووطنهم ، ولا تأخذهم من ذلك الغيرة ولا يقولون نحن أولى من هؤلاء باستحقار الحياة ، وقد قال الله تعالى : وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ انْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ (١) وقد انضم الى الجبن والهلع اللذين اصابا المسلمين اليأس والقنوط من رحمة الله ، فمنهم فئات قد وقر في انفسهم ان الافرنج هم الأعلون على كل حال (۲) وانه لا سبيل المغالبتهم بوجه من الوجوه ، وان كل مقاومة عبث ، وان كل مناهضة خرق في الرأي، ولم يزل هذا التهيب يزداد ويتخمر في صدور المسلمين أمام الأوروبيين الى ان صار هؤلاء ينصرون بالرعب ، وصار الأقل منهم يقومون للأكثر من المسلمين. وهذا بعكس ما كان في العصر الأول : يَرَى الجُبَنَاءَ أَن الجَبْن حزم وَتِلْكَ خَدِيعَةُ الطَّبْع التيم (١) النساء : من الآية ١٠٤ (۲) والله يقول : ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون وان كنتم مؤمنين ) .

VV

٧٧