نسي المسلمون الأيام السالفة التي كان فيها العشرون مسلماً لا غير يأتون من ) برشلونة ( الى ( فراكسية ( من سواحل فرنسة ويستولون على جبل هناك ويبنون به حصناً ويتزايد عددهم حتى يصيروا مئة رجل فيؤسسون هناك أمارة تعصف ريحها يجنوني فرنسة وشمالي ايطالية ، وتهادنها ملوك تلك النواحي وتخطب ولاءها ، وتستولي على رؤوس جبال الألب ، وعلى المعابر التي عليها الطرق الشهيرة بين فرنسة وايطالية، لا سيما معبر سان برنار الشهير، وتضطر جميع قوافل الافرنج ان تؤدي للعرب المكوس لاجل المرور ، تتقدم هذه الدولة العربية الصغيرة في بلاد ( البيامون ( مسافات بعيدة الى ان تبلغ سويسرة وبحيرة ( كونستانزه في قلب أوروبة وتضم القسم العالي من سويسرة الى املاكها وتبقى خمساً وتسعين سنة مسئولية على هذه الديار الى أن تتألب الامم الافرنجية عليها ، ولا تزال تناجزها الى ان استأصلتها ، وكانت تلك العصابة العربية يوم انقرضت لا تزيد على الف وخمسمائة رجل (۱) ( وقد نشرنا تفصيل خبرها في المجلد ٢٤ من المنار ) شبهات الجهلاء الجبناء وردها : السخفاء من من يقول نعم قد كان ذلك ، لكن قبل أن يخترع الافرنج آلات القتال الحديثة ، وقبل المدافع والدبابات والطيارات ، وقبل ان يصير الافرنج الى ما صاروا اليه من القوة المبنية على العلم . وهذا القول هو منتهى السخف والسفه والحماقة ، فان لكل عصر علما وصناعة ومدنية تشاكله ، وقد كانت في القرون الوسطى علوم تشاكلها كما هي العلوم والصناعات والمدنية الحاضرة في هذا العصر. وامور الخلق كلها نسبية ، و لقد كانت في العصر الذي نتكلم عنه آلات قتال ومنجنيقات ودبابات ونيران (۱) يجد القاري، تفاصيل هذه الغزوات في كتابنا « عزوات العرب في سويسرة وجنوبي فرنسة وشمالي ايطالية وجزائر البحر المتوسط » المطبوع من خمس سنوات .
VA