صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/51

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الفجائع إلى مسامع شريف مكة الحسين بن علي، فوقعت من نفسه موقعا أليما وحزن لها حزنا عظيما، وكان ابنه علي قد عثر على وثائق كان يحملها وهيب باشا قائد الجيش العثماني في الحجاز وهو يرافقه مع متطوعة الحجاز في طريقهما إلى القنال للاشتراك في الحملة ،فوقف الامير من محتوياتها على ما ينبئ بالقضاء على امتیازات والده تدريجيا ثم الغاء الامارة ؛ فاعتذر إذ ذاك عن مرافقة وهيب باشا في الحملة قبل اعداد عدته، عائدًا أدراجه إلى مكة حيث أطلع والده على كنه الأمور، فأيقن شريف مكة أن الخطر محدق بامارته وباالعرب جميعًا. وكانت قد اتصلت بمسامعه دعايتنا فصادفت أرضا خصبة من لدنه و تألف من هذه الأسباب مجتمعة ما ألف في ضميره خطوط السياسة الجديدة التي ينبغي أن يسير عليها.

ولما كانت البلدان الحجازية تعتمد في معاشها على طريق البحر الأحمر وطريق الخط الحجازي، وكانت الحرب قد أفضت إلى أن يفرض الانكليز الحصار البحري على بلاد الدولة العثمانية. ولما كانت سورية لم يعد في مقدورها امداد الحجاز بالمؤن لان الحكومة العثمانية وضعت يدها على كافة المنتجات الزراعية لاعاشة الجيش، كما أن الحج قد توقف وهو مورد هام للحجاز. من أجل هذا كله، أصبحت حالة الحجاز مهددة بخطر المجاعة ؛ فراح شريف مكة يجهد الفكر في استنباط مخرج من هذا المأزق الحرج. وقد وجد في مراجعة الانكليز إياه بدعوته للانضمام إلى صفوف الحلفاء منفذا لمجانية الخطر الداهم، ثم الوسيلة الوحيدة للخروج ببلاده من الموقف الدقيق الذي آلت اليه، فرضي، على كره، مفاوضة الانكليز في شهر يوليو ۱۹۱٥؛ الا ان ابنه الامير فيصل كان على جانب عظيم من الحذر والتيقظ، لا يطمئن إلى نوايا الحلفاء، ولذا

–٤٥–