صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/57

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

السجن أن من المحظور على السجين أن يتحدث مع غيره من السجناء، وكل من تسول له نفسه خرق هذا الحظر تعرض للرمي بالرصاص. فلما ولجت غرفتي كان همي الوحيد الاتصال باخواني الموقوفين وخاصة من كان منهم ينتمي الى جمعيتنا علَّنا نتمكن من ايجاد مخرج من الموقف الذي انتهينا اليه، ولئلا تكون افاداتنا متضاربة.

وحدث إذ ذاك أن أصيب شقيق جمال باشا مرض ضمن اختصاصي وكان الأطباء الاختصاصيون نادرين إن لم يكن في حكم المفقودين، فدعيت لحسن الحظ إلى معالجته والطب لمرضته، فكان لا بد من تحويلي من غرفتي الى مكان آخر، فنقلت إلى مقر قيادة سرية المحافظة على المسجونين، وقواد هذه السرية وجندها من خيرة الرجال الذين يعتمد عليهم جمال باشا، لأنهم من متطوعي اتراك بلغاريا، وكان القائد علمهم نوري بك مناط ثقة جمال باشا، وهو في الوقت نفسه من أغنياء ديوان الحرب العربي، ومساعده حسني بك من الروملي الشرقية. وهكذا مهدت لي الظروف سبيل الاجتماع برئيس الهيئة الاتهامية شكري بك إن شاء أيضا أن أعالجه بعد النتيجة الحسنة التي انتهت إليها معالجتي الشقيق جمال باشا. وقد خصص في سرير في غرفة منام نظيف بك مترجم ديوان الحرب العرفي، وهو شاب أديب لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، تخرج من المدرسة السلطانية في استانبول، إلا أنه مولع أما ولع باللهو شأن أمثاله في سنه الشباب الطائش. ولا أكتم أني جاريته في مجرى هواه على ما اقتضاني ذلك من نفقات كنت أديمها راضيًا اتقاء للمغبة السيئة التي تترصدني واخواني المتهمين. وكانت

–٥١–