صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/58

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

جلساتنا الطويلة المستمرة تدور في الأغلب حول أعماله وما يتصل بشؤون المسجونين مما يهمني الوقوف عليه.

وكان من هذه المناسبات أن هيأت لي سبل اكتناه نوايا جمال باشا نحو المعتقلين، كما افدت الاطلاع على التهم الموجهة اليهم، وعلى الافادات التي كانوا يتقدمون بها. فتوفيق البساط لم ينبس ببنت شفة برغم تعذيبه وضربه. ومثله عرف الشهابي لم يستطيعوا أن يعرفوا منه شيئا. أما عبد الغني العريسي فقد كتب صفحات مستفيضة، فوجب علي الاتصال به تحذيراً وتنبيهاً. ولكن كيف السبيل للوصول اليه ودون ذلك موانع كثيرة ؟. لقد اصطنعت الحيلة، فذهبت الى البناء الذي يحتويه، متذرعا بحجة وجود حمام جيد هناك، و بعد رشوة الخفير قابلته وأطلعته على ما انتهى إلي عنه فكان جوابه بانه لم يكتب شيئا له صلة بأعمال جمعيتنا، وكل ما كتبه وقف على مؤتمر باريس والجمعية الاصلاحية في بيروت، مما هو مدون و منشور في الصحف. وانه لم يعمد الى ذلك إلا بغية تضليل المحققين واستمناح شفقتهم لاسيما وانهم استشاطوا غضباً أمام تكتم توفيق البساط. وقابلت على الاثر توفيق رزق سلوم وسيف الدين الخطيب وها قد ذكرا اسم جمعيتنا مؤولاً، وعلى هامش افاداتهما. ولكن المحقق - ولله الحمد - لم يعر هذا الذكر اية اهمية بعد أن استروح من كلامهما أن الجمعية إن هي إلا جمعية الطلاب في باريس ليس لها اثر سياسي في الأعمال التي تحققون عنها. ولا شك في أن افادة العريسي قد كان لها أثرها القوي في ابعاد الظنون عن جمعيتنا. إلا أن المحققين استغلوا اقوال و حكموا عليه بالاعدام، نظرا لجهلهم ما كان منشوراً منها في بطون الصحف. ولما كان توفيق الناطور قد أصيب بقذيفة نارية

–٥٢–