صفحة:مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى.pdf/61

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

إلى دمشق، فلم أجد بداً من دعوته إلى حفلة ساهرة. وقد استثمرت عواطفه رحمة وعطفاً لإنقاذ اخواني، ولكنه أجابني، والدمع يترقرق في عينيه، بأن ليس في وسعه تلبية طلبي لأن جمال باشا مصر كل الإسرار على أكبر عدد ممكن من المعتقلين، وبخاصة أولئك الذين يخشى أن يقوموا بحركة من الحركات في سبيل قضية بلادهم، وانه لم يتمكن من حمله على العدول عن رأيه رغم المحاولات الكثيرة في هذا السبل.

وهكذا قضي على هاتيك النفوس البريئة أن تمضي إلى بارئها ضحية طغيان جمال باشا. فلم تشرق شمس ٦ مايو سنة ۱۹۱٦ حتى كان حكم الاعدام قد نفذ بالقافلة الثانية ؛ فسيق من كتب عليهم أن يعدموا في بیروت من عاليه تواً إلى دائرة شرطة المدينة المذكورة وكانوا ينشدون الاناشيد الوطنية، وأول من حملته أعواد المشنقة كان سعید عقل و بترو باولي وجرجي حداد. ثم أعقبهم من اخواننا الأكرمين عارف الشهابي وعبد الغني العريسي وعمر حمد، وكانوا يرددون أنشودة :

نحن أبناءالألى
شادوا مجداً و عُلی
نسل قحطان الأبي
جد كل العرب

وعندما صعد عمر حمد منصة المشنقة صاح في وجه السلطة الحكومية ان هذا الذي ترتكبه الحكومة الآن سيقوض أسس الدولة ويكون سبباً في خرابها. ثم خاطب الحاضرين قائلا : أني أموت فداء الأمة العربية غير خائف ولا وجل، فليسقط الخونة و ليحيا العرب. وصاح عبد الغني العريسي والحبل يوضع في عنقه قائلاً: أن الدول تبني على

–٥٥–