ما وضعه الاولون وتسلمناه منهم قضايا مقررة لاتقبل الاعتراض، وبناء ذلك على مبادئ جديدة علمية، فان عندنا من الوسائل ما لم يكن.. كان علماء اللغة في قديم الزمان لا يعرفون غير اللغة العربيه ولم يكونوا يعرفون ما يسمى اليوم بعلم مقابلة اللغات بعضها ببعض، أو ما يسمى علم تحليل اللغات او فلسفتها.. بلى حاول بعضهم التعرض لهذه الابحاث منهم ابو الفتح عثمان بن جني الموصلي في كتابيه الخصائص في اللغة وسر الصناعة في النحو، ولكن ابحاثهم كانت في عهد طفوليتها؛ واما اليوم فقد ارتقت هذه العلوم وصارت خصائص اللغة واسرارها علماً بأصول، واصبح عالم اللغة لا غنى له عن تعلم اخوات تلك اللغة بل لغات أخرى عديدة قديمة وجديدة. وقد عرفت في بلاد الانكليز واميركا اساتذة كثيرين من علماء اللغات الشرقية يعرف الواحد منهم الى اللغة العربية العبرية والسريانية والحبشية والتركية والفارسية والسنسكريتية فضلًا عن اللغات الاوربية الحديثة والقديمة الى ما يجاوز العشر لغات. وقد لقيت في كمبردج شيخاً مصرياً وهو استاذ في احدى المدارس العالية في القطر المصري، رأى سمة معرفة اولئك الاساتذة وتبحرهم في علم اللغات فقال من قصيدة ارسلها الى احد العلماء في مصر.
صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/5
— ٢ —
انا في بلاد الانكليز
اسير كالطفل الصغير
في كمبردج مدينة العرفان
ليس لها نظیر
فيها الاساتذة الفخام
ومن يعادل شكسبير
لا علم لي حتى اجادلهم
ولا عقل كبير
لكنني مسترشدٌ
شأن الضرير مع البصير
ولقد ذكرتك قائلاً
في مصرنا البدر المنير
