صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/62

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٥٩ —

تقل وتكثر وتتطور ، يندثر منها ما يندثر ، ويتولد فيها ما تقتضيه الحاجة ويتحول عن معناه منها ما يتحول . فإذا بقيت الملكة فاللغة باقية قلت الفاظيا أم كثرت وتحولت عن معانيها ام لم تتحول . ألا ترى أن ملكة الطفل في اللغة العامية مثل ملكة الرجل فيها على اختلاف في مقدار الفاظهما .. ولما كان العرب حريصين على ملكتهم ، وحقهم أن يكونوا حريصين عليها . استنبطوا قوانينها ومقيدها ووضعوا حدودها الى ما لم يجارهم فيه احد . حتى اذا تحيفتها الركاكة وطغت عليها العجمة توصلوا بتلك القوانين الى اصلاح ما فسد منها وارجاعها الى اصلها . ولكن ما هو اثر هذه القوانين في تلك المملكة ؟ هذا ما نحب أن نستدعي الانتباه إليه . قال ابن خلدون ( ان العلم بقواعد الاعراب اما علم بكيفية دو العمل وليس هو نفس العمل . ولذلك نجد كثيراً من جهابذة النحاة والمهرة في صناعة العربية المحيطين بتلك القوانين اذا سئل في كتابة سطرين الى أخيه أو ذي مودته . او شكوى ظلامة ، أو قصد من قصوده ، اخطأ فيها عن الصواب واكتر من اللحن ولم يجد تأليف الكلام لذلك والعبارة عن المقصود على اساليب اللسان العربي. وكذا نجد من يحسن هذه الملكة ويجيد الفنان فى المنظوم والمنشور وهو لا يحسن اعراب الفاعل من المفعول ولا المرفوع من المجرور ولا شيئاً من قوانين صناعة العربية، فمن هذا تعلم ان تلك الملكة هي غير صناعة العربية وانها مستغنية عنها بالجملة . وقد تجد بعض المبرة في صناعة الاعراب بصيراً بحال هذه الملكة وهو قليل واتفاقي » هذا ما قاله ابن خلدون، فالانواع ثلاثة : من يحسن الملكة ولا