يحسن الصناعة ، ومن يحسن الصناعة ولا يحسن الملكة، ومن يحسن الملكة والصناعة معا . وفي الحقيقة أن النوع الثالث على كونه قليلا واتفاقياً هو من النوع الأول في احسان الملكة ومن النوع الثاني في احسان الصناعة، لانوع قائم بنفسه ولا اثر لاحنه الواحدة في احسانه الأخرى. والا فلماذا لا يحسن الملكة من يحسن الصناعة ولا يحسن الصناعة من الملكة .. وقد بين ابن خلدون سبب احسان القليلين الملكة يحسن والصناعة معا بقوله . اكثر ما يقع ذلك للمخالطين لكتاب سيبويه فانه لم يقتصر على قوانين الاعراب فقط بل ملأ كتابه من امثال العرب وشواهد اشعارهم وعباراتهم ، فكان فيه جزء صالح من تعلم هذه الملكة فتجد العاكف عليه والمحصل له قد حصل على حظ من كلام العرب واندرج في محفوظه في أماكنه ومفاصل حاجاته وتنبه به لشأن الملكة فاستوفى تعلمها فكان أبلغ في الافادة » أي انه تعلم الملكة على حدة من مخالطته لما جاء في الكتاب من كلام العرب ، وتعلم الصناعة على حدة مما جاء في الكتاب من قوانين الأعراب . فلو خلا الكتاب من قوانين الاعراب لما اثر ذلك على الملكة شيئاً ، فالملكة اذن مستغنية عن الصناعة ولا أثر للصناعة فيها ان العناية بقوانين اللغة مذهب قديم جداً أخذه المتأخرون عن المتقدمين على سبيل التقليد أو العدوي . فالعرب حين خالطوا السريان في
صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/63
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٦٠ —
