صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/65

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٦٢ —

في مجالس تعليمهم . فيسبق الى المبتدئ كثير من الملكة اثناء التعلم فتنقطع النفس لها وتستعد الى تحصيلها وقبولها » وقد كان هذا اسلوب أهل الشرق ايضاً لعهد الدولة الأموية والعباسية كما قال ابن خلدون في موضع آخر فالذين كانوا يتفقهون في كلام العرب في هذا الدور احسنوا الملكة، والذين انصرفوا الى القوانين احسنوا الصناعة ، والذين عنوا بالأمرين أحسنوا الملكة والصناعة معاً. و في الدور الثاني اقتصروا على القوانين وجردوا كتبهم من اشعار العرب وكلامهم . وهو اسلوب اهل المغرب وافريقية وغيرهم . قال ابن خلدون اما من سواهم - اى سوى اهل الاندلس - من اهل المغرب وافريقية وغيرهم فاجروا صناعة العربية مجرى العلوم بحثاً. وقطعوا النظار عن التفقه في تراكيب كلام العرب - الا ان اعربوا شاهداً او رجحوا مذهباً من جهة الاقتضاء الذهني لامن جهة محامل اللسان وتراكيبه - فاصبحت صناعة العربية كانها من جملة قوانين المنطق العقلية او الجدل، وبعدت عن مناحي اللسان وملكته. وما ذلك الا لعدولهم عن البحث في شواهد اللسان وتراكيبه، وتمييز أساليبه ، وغفلتهم عن المران في ذلك للمتعلم فهو احسن ما تفيده الملكة في اللسان . وتلك القوانين الماهي وسائل للتعليم لكنهم أجروها على غير ماقصد بها واصاروها علما بحتا وبعدوا عن ثمرتها » وعن أهل المغرب وافريقية اخذنا هذا الاسلوب الذي نتبعه اليوم فتعلقنا بالصناعة وأهملنا الملكة .