الضارب لانه مرفوع وان عمراً هو المضروب لانه منصوب. فادلة البيان ثلاثة: القرينة والترتيب والاعراب وهذا آخر ما وصلت اليهِ اللغة العربية ولابد ان تكون هذه الادلة قد مرت على ادوار مختلفة قبل ان وصلت الى صورتها الحاضرة التي ورثناها من عهد التدوين جرياً على ناموس النشوء والارتقاء كما سنبينهُ فيما يلي:
لاشك ان القرينة هي اقدم هذه الادلة، وقد مر زمان طويل على اللغة كان الاعتماد في بيان المعنى فيها على القرينة وحدها وذلك قبل ان يكون في اللغة ترتيب معلوم او اعراب بياني. فكانوا يقدمون اويؤخرون، وكانوا يرفعون او ينصبون أو يخفضون أو يجزمون او يبنون كما يجيء معهم اتفاقاً لغير قصد. واذ كان اعتمادهم في هذا الدور على القرينة وحدها فلابد انهُ كانت هناك قرائن كثيرة تختلف وضوحاً او خفاءً يستدلون بها على المعنى. ولاعتيادهم الاعتماد على القرينة فلابد انهم كانوا يتنبهون لادق القرائن وأخفاها. ومع ذلك فان التفاهم كان صعباً لما يقع فيهِ من اللبس او الغموض احياناً، او ان مواضيع الكلام كانت بسيطة يدرك المعنى منها باقل لمحة.. من تلك القرائن طبقة الصوت وهيئة اطلاقهِ بين ان يكون ليناً او خشناً عالياً او سافلًا مما هو بالصوت الموسيقي اشبهُ منهُ بالصوت المنطقي كما قال اليازجي، ولا تزال آثار ذلك في اللغة الى اليوم كاختلاف اللهجة في الاستفهام او التعجب عنها في الخبر بل لولا اختلاف اللهجة لأصبح كثير من الكلام لغواً. نكرر الالفاظ للتأكيد مثل جاء الامير الامير ولكن اذا لم نرفع الصوت قليلا في اللفظة الثانية