صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/83

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٨٠ —

اعوذ بالله واعيد اللغة العربية من مثل هذا . فانت ترى ان الاديب كان اشبه بالناسخ بل بالماسخ منه بالاديب ..

لم يكن الشاعر شاعراً الا اذا قلد المتقدمين من الشعراء في المديح والهجاء والتشبيب والرثاء وغير ذلك من ابواب الشعر في الفاظهم واساليبهم ، فكان اشبه بالوزان منه بالشاعر ، بل بالصدى منه بالصائت المحكي وعلى الجملة لم يكن هناك علماء وادباء وشعراء بل حفاظ ورواة و نساخ ووزانون وكلهم مقلدون .. والتقليد كما رأيت لا يكون في أوله الا مشوشاً ثم يصير الى الاجادة والاتقان . وقد رأينا من الكتاب في العهد الاخير ولاتزال منهم طائفة الى اليوم من اذا كتبوا احسنوا التقليد وجروا على مناحي العرب كانهم من سلالة صاحب الأغاني او العقد الفريد او الكامل ، او كانهم الجاحظ وابن المقفع والزمخشري وبديع الزمان الهمذاني والحريري بعثوا في هذا العصر . .. ولكن التقليد تقليد سوا أكان مشوشاً ام متقناً، والمقلد مهما أجاد وأتقن فانما هو غريب دخيل. وما زمن التقليد في حالتي التشويش والاتقان الازمن تعلم وتحصيل لازمن ابتكار واستثمار .. وقد كان من فائدة هذا التقليد ان تجدد عهد الفصاحة . ولعمري انها لفائدة عظيمة يستحق عليها كل من اشتغلوا باللغة الثناء الطيب ولو كانوا مقلدين .. لم تكن للامة لغة فصارت لها لغة ، وانها للغة غنية . ولم تكن لها ادبیات فصارت لها ادبیات ، وانها لادبيات راقية .. وما احياء لغة انقطع عهد الالسنة بها منذ أمد بعيد ، وما احياء ادبيات كاد يعفيها الزمان ، بالمطلب السهل الذي يتم في زمن قصير مثل هذا الزمن الذي