صفحة:مطالعات في اللغة والأدب ـ خليل السكاكيني.pdf/95

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
— ٩٢ —

لن يكتب بعد اليوم في السياسة الا الاختصاصي في السياسة ، ولن يكتب في الأدب الا الاختصاصي في الأدب ، ولن يكتب في العلم الا الاختصاصي في فرع من فروعه . ولن يكون صاحب كفاية الا مقدوراً قدره . ومتى كان اصحاب الكفايات ، وكبار الناس ، هم اساتذة الامة وزعماءها ، سارت في طريقها على هدى الى الأحسن والاعلى . الا ان هناك . موضع نظر لابد من الاشارة اليه استيفاء للحديث يظهر أن الصحف اليومية على ارتقائها لا تحتمل متابعة البحث في موضوع واحد او التقصي فيه ، ومن تتبع آثار الاستاذ طه حسين في جريدة السياسة الغراء ، رأى انه طارق الجاناً كثيرة طريفة لم يسبقه اليها احد في اللغة العربية ، وكلها تشف عن بصيرة نيرة وعلم نضيح بل تدل على انه اكتب مما يكتب و اعلم مما تقر أله لا تقر أله شيئاً الاتركك تشعر أن الذي قرأته ليس الا قليلا من كثير ، على حين لاتكاد تقرأ شيئاً لكثيرين غيره الا شعرت ان ما قرأته هو كل ما عندهم بل أكثر مما عندهم . بل قد تشعر أنهم قد عدوا طورهم وتعرضوا لما ليس من شأنهم او اختصاصهم، وأنه كان الأولى بهم ان لا يتعرضوا له .. ولكن الاستاذ على اعجاب القراء بكل ما يكتب، وتطلعهم الى المزيد منه ، لا يكاد يتناول بحثاً الاطواه الى غيره فغيره ، ولا يعود الى بحثه الاول الا بعد ان يعتقد القراء انه لن يعود اليه . وقد يكتفى من البحث بما لا يرضيه . وعذره انه يكتب في صحيفة يومية ، فلو الف كتاباً او كتب في مجلة علمية لكانت ابحاثه اوفى . مما يجوز معه ان يقال ان العلم في الصحف اليومية هو في المحل الثاني ، وان السياسة هي في المحل