صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/110

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
النشأة والتكوين

فما غش إلا نفسه في فعاله وإني لأخشى أن أنالك بالذي فأصبح ملعونا وقد كان مكرما أردت فيخزي الله من كان أظلما فليس هذا الشعر من نسق عصره، ولا من عادات رجاله في مقام كهذا المقام، ولكن الأمر الذي يعهد فيهم مع روايتهم للشعر والمثل أنهم يستشهدون بالأبيات في موضعها، ويتأسون بها في موقعها، وكذلك قيل: إن معاوية ذكر أبيات أبن الأطنابة ساعة فراره من المعركة ليلة الهرير؛ فعاوده الثبات وجعل يترنم بها ويسمعه من حوله يعيد منها: وقولي كلما جشأت وجاشت: ۲۲ مكانك تحمدي أو تستريحي وقيل: إنه تمثل شعرا وهو يجود بنفسه، فقال: وتجلدي للشامتين أريهمو أني لريب الدهر لا أتضعضع ثم قال: وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة؟ لا تنفع ولنا - بعل - وقيل غير ذلك مما لا داعي للشك فيه إذا كان محصوله كله أنه كان يحفظ الأشعار والأمثال، ويستشهد بها في مواطنها على سنة نظرائه من العرب أجمعين. أن نفهم أنه نشأ في الجاهلية نشأة أبناء الأسر وأصحاب الرئاسة الموروثة، وتعلم ما يتعلمونه، وتدرب على دربتهم التي ألقوها، إلا أنه كان إلى تربية التجارة والتدبير أدنى منه إلى تربية الفروسية والنضال، فلم يؤثر عنه من فعال الفروسية بعد بلوغه مبلغ الرجال فعل يميزه بدرية خاصة على فنونها المعهودة في زمنه كالمسايقة، وإصابة الهدف، والسبق على متون الخيل، والصمود للأقران في المبارزة، ولعل تربيته الفروسية لم تزد على القدر الضروري الذي يعاب الجهل به، ولا يبرز إلى مكان التنويه والتمييز. ۲۳ جشأت: جشأت نفسه: ارتفعت وثارت لقيء

تميمة: خرزات، كان الأعراب يعلقونها على أولادهم لتقي العين

109