صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/18

تم التّحقّق من هذه الصفحة.


بين القدرة والعظمة


زبدة الصفحات التالية أن رأس الدولة الأموية كان رجلًا قديرًا، ولكنه لم يكن بالرجل العظيم.

والفرق بين القدرة والعظمة يوضحه الاصطلاح، ولا توضحه المعجمات اللغوية هذا التوضيح الذي نعنيه، فقد يقال عن العظيم: إنه قدير، ويقال عن القدير: إنه عظيم، ولا يخطىء القائل من الوجهة اللغوية في هذا الترادف المقبول ما لم يقيده الاصطلاح.

إنما الاصطلاح الذي نعنيه وننظر فيه إلى أحوال الطباع أن القدرة غير العظمة في أشياء.

فربما وصف الرجل بالقدرة؛ لأنه مقتدر على بلوغ مقاصده واحتجان1 منافعه والإضرار بغيره، ولكنه إذا وصف بالعظمة، فإنما يوصف بها لفضل يقاس بالمقاييس الإنسانية العامة، وخير تغلب فيه نية العمل للآخرين على نية العمل للعامل وذويه.

 

ولعلنا نقترب من توضيح الاصطلاح إذا نقلنا التفرقة من القدرة والعظمة إلى التقدير والتعظيم.

فنحن نقدر الإنسان بمقداره عظيمًا كان أو غير عظيم، بل نقدر الأشياء بمقاديرها

ولو لم يكن لها عمل، ولم تكن من وراء العمل نية، ولكننا إذا عظمنا الإنسان فإنما نوجب


  1. احتجان: احتجن الشيء جذبه بالمحجن وهو العصا المنعطفة الرأس، واحتجن المال: احتواه وضمه إلى نفسه.