صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/35

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
معاوية بن أبي سفيان

لم تكن لأحد منهم ولاية تمتد فتشمل سائر الولايات، وتنتهي بذلك إلى الخلافة إلا زياد بن أبيه، فإنه كان واليا على أقاليم من فارس يخشى بأسه لما عنده من المال والجند، ولكنه مغمور النسب يدعونه بابن أبيه قبل أن ينسبه معاوية إلى أبي سفيان، ولن يسلس زمام الخلافة لرجل مثله إلى جانب طالب من طلابها، كمعاوية أو من دون معاوية في النسب والمكانة أما ابن العاص والمغيرة بن شعبة، فقد كانا من آحاد الرعية يوم نشب النزاع على الخلافة بين عميد بني هاشم علي بن أبي طالب وعميد بني أمية معاوية بن أبي سفيان، ولم يكن لأحدهما جند ولا مال ولا عصبة تنافس العصبة الهاشمية أو العصبة الأموية، فهما خليقان أن ينظرا إلى المطلب الميسور حيث تیسر، وقد نظرا إليه فلم يعرفا له طريقا أقرب من طريق معاوية، وبخاصة بعد مقتل علي رضوان الله عليه. وقصة كل رجل من هؤلاء الدهاة الثلاثة لا تدع محلا للظن بأنهم سيقوا إلى تصرة معاوية مخدوعين، أو منقادين بحيلة من حيل الدهاء، بل هي . حرية أن تنبئنا بغلبتهم على معاوية في المبادلة، وأنهم أخذوا منه فوق ما أعطوه، وأنه هو قد أعطاهم شيئا في اليد حين كان عطاؤهم كله شيئا في التقدير، إما من قبيل الأمل المنظور أو من قبيل الخوف المحذور دعا عمرو بن العاص ولديه عبد الله ومحمدا، فقال لهما: إني قد رأيت رأيا ولستما باللذين ترداني عن رأيي، ولكن تشيران علي ... إني رأيت العرب صاروا عنزين يضطربان، وأنا طارح نفسي بين جزاري مكة، ولست أرضى بهذه المنزلة، فإلى أي الفريقين أعمد؟ أهل التقوى: إن كنت لا بد فاعلا فإلى علي ... قال عمرو: إني إن أتيت عليا يقول لي: إنما أنت رجل من المسلمين، وإن أتيت معاوية يخلطني بنفسه ويشركني في أمره، وكان محمد ابنه الآخر على هذا الرأي، فقال لهما عمرو: أما أنت يا عبد الله فقد اخترت لآخرتي، وأما أنت يا محمد فقد اخترت لدنياي. أنه لما أستشارهما، قال له عبد الله: إن النبي عليه السلام - قد توفي والشيخان بعده وهم راضون عنك، فأرى أن تكف يدك وتجلس في بيتك حتى يجتمع الناس، وقال له محمد: أنت ناب من أنياب العرب، فكيف يجتمع هذا الأمر وليس لك فيه صوت؟ فأجابهما بما تقدم وأتى معاوية، فوجدهم يطلبون دم عثمان فمضى معهم يقول: أطلبوا دم الخليفة المقتول. والمشهور في رواية صاحب الإمامة والسياسة ابن قتيبة أن معاوية كان غافلا عن شأن عمرو وعن خطره في معونة أي الفريقين فأعرض عنه، حتى نبهه عتبة بن أبي .. قال عبد وهو من ويروي

۲۶

34