صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/48

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
الدهاء

أعوانه من أجلها، وأما الإمام فلم تكن له عصمة من الظن غير الحيطة وغير التجربة، ولم تكن للتجربة سابقة مقطوع بها، بل كانت كلها مما سينجلي عنه مستقبل مجهول. فهذه الحيلة حيلة الشبهة - كانت من أنجح الحيل في سياسة معاوية مع خصومه؛ لأنه زمن الشبهات وهي كثيرة فيما ابتلاه أولئك الخصوم، وقد نجحت وتجعت۲ بفضلين لا بفضل وأحد: أحدهما فضل التدبير، والآخر فضل الحوادث بغير تدبیر وحيلة أخرى لا نجزم بها، ولكننا نشير إليها في مكانها مما رواه الرواة عن الوسائل «الخفية»، التي توسل بها معاوية للغلبة على خصومه ومنافسيه، وحسيت يومئذ من ضروب دهائه، أو من ضروب كيده وهو مرادف عند عامة القوم لمعنى الدهاء مات الحسن ومات مالك بن الأشتر الذي ولاه الإمام مصر بعد عزل قيس، ومات عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وعوجلوا جميعا بغير علة ظاهرة، فسبق إلى الناس ظن كاليقين أنها غيلة مدبرة، وأن صاحب الغيلة من كان له نفع عاجل بتدبيرها، وهو معاوية. (... هو ونقل عن ابن العاص بعد موت الأشتر أنه قال: «إن الله جنودا من عسل وكان موت الأشتر بعد شربة من العسل لم تمهله غير ساعات. ونقل الخبر عن دس السم للحسن رضوان الله عليه - مؤرخ من الأمويين هو أبو الفرج الأصفهاني صاحب الأغاني المشهور. قال في كتابه مقاتل الطالبيين: «أرسل معاوية إلى ابنة الأشعث: إني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن بن علي وبعث إليها بمائة الدرهم، فقبلت وسمت الحسن فسوغها۲۷ المال ولم يزوجها من يزيد، فخلف عليها رجل من أهل طلحة فأولدها، فكان إذا وقع بينهم وبين بطون قريش كلام عيروهم، وقالوا: يا بني مسقة الأزواج.» وقال ابن الكلبي عن أبيه في سبب موت الأشتر: «إنه لما سار الأشتر إلى مصر طريق الحجاز، فقدم المدينة فجاءه مولى لعثمان بن عفان يقال له: نافع وأظهر له الود، مولى عمر بن الخطاب، فأدناه الأشتر وقربه ووثق به وولاة أمره، فلم يزل معه إلى عين شمس، فلما وصل إلى عين شمس؛ تلقاه أهل مصر بالهدايا، وأسقاه نافع وقال له: أنا ۲۹ نجعت: نجع الدواء في العليل، والوعظ في السامعين أثر وأفاد سوغها: سوغه ما أصاب ... جعله هنيئا له.

47