صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/95

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
معاوية بن أبي سفيان

من خطته التي يختارها لنفسه، ويحمل تبعتها على عاتقه أن يقتل ثلاثة من أقطاب الصحابة كعلي وطلحة والزبير، كما أشار على عثمان، وإنما يبوء عثمان تبعتها ويترك الأمر من بعده لمعاوية بغير منافس ينافسه عليها، بعد مقتل الثلاثة الذين كانوا مرشحين لها عند أهل الحجاز وأهل الكوفة وأهل مصر، أما أهل الشام فهم في ولايته لا يعرفون أحدا غيره ينافسه باسمهم عند اختلاف المختلفين، وليس ثمة مختلفون إذا نفذ القضاء في الأقطاب المقتولين. وأما الإشارة على عثمان بإقامة أربعة آلاف من خيل الشام يحرسونه، فهو تسليم للحجاز إلى يدي معاوية في حياة الخليفة وبعد حياته، فلا يقدر أحد على بيعة فيه غير البيعة التي يرضاها، ولا تقع هذه البيعة أصلا لمن يستجيب لها أو لا يستجيب. والخروج من المدينة إلى الشام مع معاوية ينقل العاصمة إلى دمشق، ويجعل القول الفصل بعد موت الخليقة لصاحب القول الفصل فيها، وما من أحد قط ينتفع من العمل بهذه النصائح غير معاوية في جميع الحالات وقد نقل الرواة والمؤرخون عن كل ناصح أنه أشار على عثمان بترك خطة من خططه في السياسة العامة، ولم ينقل مثل ذلك عن معاوية في جليل من الأمر ولا يسير، ولم يقف مثل موقفه غير مروان بن الحكم الذي لا يملك أن ينهي عثمان عن شيء؛ لأنه كان سبب الشكوى وصاحب التبعات جميعا في كل مأخذ من مآخذ الثوار على العهد كله والسياسة بجملتها، فإذا كان سكوت مروان عن النصح بالتغيير مفهوما متوقعا فمثل هذا السكوت من معاوية لا يفهم إلا على وجه واحد، وهو يعفي نفسه من تبعة النصيحة ليملي للخليفة فيما يرضاه، ويعلم أن التغيير النافع يصيبه في مقدمة الولاة المحسوبين على العهد كله، وقد كان يتعهد للخليفة بكفايته أمر الشام ويسأله أن يفرض على الولاة الآخرين مثل ذلك اليوم ... فإن لم يقدروا مثل قدرته كان حقا له أن يخلفهم أو ينفض يديه من العمل والمشورة. وأثبت ما ثبت من منفعة معاوية بتلك المطالب التي عرضها على الخليفة في شدته مطلبه أن تكون له ولاية الدم بعد مقتله، فإنه بمثابة ولاية العهد بإذن صاحب الأمر، إذ كان القصاص إنما يتولاه القائم بالشريعة حيث تقام حدود الدين، ولم يكن عثمان ليخشى عليه القتل من فرد يعتدي عليه غيلة فيكون عمل ولي الدم أن يقتاده إلى الحاكم القائم بالشريعة، ولكنه خشي عليه القتل من جماعات ثائرة لا يتولى إدانتها والقصاص

۹۶

94