صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/102

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الشخصية الكتابية في العراق

۱

بين صفحات الكتب وألواح الصور نسب. كما أن بين ريشة الكاتب وفرحون المصور أو «مصورته الشمسية» علاقة متينة. فالأولى ترسم لنا روح الكاتب وان كانت بغير تقاسيم وقديد، والثانية تشخص لنا جسمه بتقاسيمه وقديده. وقدما كان بعض فلاسفة اليونان يجزمون بالصلة الوثيقة العرى بين الروح والجسد وينكرون سكن الروح الخبيثة في الجسد المتناسب الأعضاء الوسيم الأديم، والعكس بالعكس. فنحن دن نتعرف إلى سحنات الناس بصورهم وتماثيلهم كما ندرك عقليتهم ونفسيتهم بآثارهم الكتابية.

وقد تقرأ الكاتب مقالا أو كتابا بأكمله فلا تقف. معه عند فقرة معجبة أو قول مأثور أو رأي علم، بل نمر من أمامك روحه كما يمر السحاب في ألق القضاء. وقد تقرأ لكاتب آخر مقالا أو رسالة فيملك عليك شوارعك ويختطف من نفسك عنانها فيأخذ في اقتيادها إلى حيث يهوى هو، وأنت مسحور مفتون لا تملك من الإرادة ما تنفك عنه بها. ونحس بروح الكاتب تتمشي في نفسك كما يتمشى البرء في جسم السقيم. ولا تحتاج إلى أن تقرأ لكاتب هذا تأثيره، مقالات كثيرة أو كتباً ضخمة التحكم بينكما آصرة الصداقة، بل يكفيك من بضاعته صفحة أو صفحتين.

وهناك أمر ثان ينكشف لك لدى عثورك على ذلك الكاتب الأخاذ، وهو الميسم الذي تتسم به كتاباته، فتراك كلما وقفت له على مقال مهما قلت سطوره، تدركه لأول وهلة ويخفق له فؤادك.

ذلك التأثير الساحر، وهذه الميزة البينة، هما المكونان للشخصية الكتابية، وهو الموضوع الذي أحدثك عنه في هذا المقال: