صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/23

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٢١
تاريخ الحرية الفكرية

الشاعر هوميروس لنسبته الى الآلهة اعمالا لو اتاها احد الناس امد . من ا البشر اخلاقا وسلوكا. كل ذلك ولم يسمع بان هذا الرجل قد اضطهد على آرائه التي ابداها فيما يخالف آراء الجمهور وتقاليدهم القديمة . ولاشك في ان القارئ يستغرب وجود مثل هذه الحرية الفكرية الواسعة في ذلك الزمن القديم . ولكن متى اطلع على الأسباب زالت عنه دواعي الاستغراب . ان مؤرخي الفلسفة يعدون أسبابا عديدة لذلك أهمها انه لم يكن لهم كتاب مقدس منزل من السماء يعتقدون بتجرده عن الخطأ و يكفرون من يشك بصحة عبارة او كلمة منه ثمان الكهنوت عندهم لم يكن له من التأثير والهيبة ما يشجعه على التدخل فيا لا يعنيه ولم يكن رجال الدين طبقة ممتازة في الشعب كما لم يكن لهم صوت مسموع في الحكومة ولذلك لم يقدروا على اضطهاد الناس قصد اسكاتهم وخنق أفكارهم. لقد كانت السلطات الملكية هي التي تراقب العبادات العامة ولم تكن تسأل الكهنة الا فيما يخص الأمور الدينية البحتة فقط . وهذا هو السبب الأساسي لحرية الفكر التي تراها ونعجب بها في تلك البلدان و في تلك الازمان ولو سارت الدول والشعوب سير الاغريق القدماء في معاملة رجال الدين وحصرت سلطانهم في الشؤون الدينية فقط ولم تفسح لهم المجال في تجاوزها الى الأمور الدنيوية التي لا تعنيهم لما رأينا قساً كبيراً من تأريخ حرية الفكر في القرون الوسطى مظلماً تقطر من سطوره دماء الضحايا ودموع الأبرياء ...

ثم ان اخبار الفلاسفة الماد بين من الأدلة الظاهرة على سعة حرية الفكر في تلك الديار ونحن نذكر من بينهم اثنين اشتهرا بالنظر الى الكون بطرق جديدة وعملا على تقوية أسس العلم والفلسفة في هاتيك الاقطار. وهما هراقليطس Heraclitus وديمقريطس Democritus فمن آراء هراقليطس الجديدة