صيد الخاطر/فصل: الوقت كالسيف
فصل: الوقت كالسيف
عدلرأيت العادات قد غلبت الناس في تضييع الزمان، وكان القدماء يحذرون من ذلك. قال الفضيل: أعرف من يعد كلامه من الجمعة إلى الجمعة. ودخلوا على رجل من السلف فقالوا: لعلنا شغلناك، فقال: أصدقكم كنت أقرأ فتركت القراءة لأجلكم. وجاء رجل من المتعبدين إلى سري السقطي، فرأى عنده جماعة، فقال: صرت مناخ البطالين، ثم مضى ولم يجلس. ومتى لان المزور طمع فيه الزائر، فأطال الجلوس، فلم يسلم من أذى. وقد كان جماعة قعودا عند معروف فأطالوا فقال: إن ملك الشمس لا يفتر في سوقها أفما تريدون القيام؟ وممن كان يحفظ اللحظات عامر بن عبد قيس، قال له رجل: قف أكلمك، قال: فأمسك الشمس. وقيل لكرز بن وبرة: لو خرجت إلى الصحراء، فقال: يبطل الزوجار. وكان داود الطائي يستف الفتيت ويقول: بين سف الفتيت وأكل الخبز قراءة خمسين آية. وكان عثمان الباقلاني دائم الذكر لله تعالى، فقال إني وقت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج لأجل اشتغالي بالكل عن الذكر. وأوصى بعض السلف أصحابه فقال: إذا خرجتم من عندي فتفرقوا، لعل أحدكم يقرأ القرآن في طريقه. ومتى اجتمعتم تحدثتم. واعلم أن الزمان أشرف من أن يضيع منه لحظة، فإن في الصحيح عن رسول الله ﷺ أنه قال من قال سبحان الله العظيم وبحمده، غرست له بها نخلة في الجنة. فكم يضيع الآدمي من ساعات يفوته فيها الثواب الجزيل، وهذه الأيام مثل المزرعة، فكأنه قيل للإنسان. كلما بذرت حبة خرجنا لك ألف كر، فهل يجوز للعاقل أن يتوقف عن البذر ويتوانى؟ والذي يعين على اغتنام الزمان الانفراد والعزلة مهما أمكن، والاختصار على السلام أو حاجة مهمة لمن يلقى. وقلة الأكل، فإن كثرته سبب النوم الطويل وضاع الليل. ومن نظر في سير السلف وآمن بالجزاء بان له ما ذكرته