طال ليلي وساورتني الهموم

طالَ لَيلي وساوَرتني الهُمومُ

​طالَ لَيلي وساوَرتني الهُمومُ​ المؤلف ابن المعتز


طالَ لَيلي، وساوَرتني الهُمومُ،
وكأنّي لكُلّ نَجمٍ غَريمُ
ساهراً هاجراً لنَوميَ حتى
لاحَ تحتَ الظلامِ فجرٌ سقيمُ
دامَ كرُّ النّهارِ والليّلِ مَحثُو
ثَينِ، ذا مُنبِهٌ، وهذا مُنيمُ
ورَحًى تحتَنا، وأُخرَى علَينا،
كلُّ مرءٍ فيها طحينٌ هشيمُ
و سرورٌ، وكربةٌ، وافتقارٌ،
وبَريقٌ كزُخرُفٍ لا يَدومُ
و معافى، وذو سقامٍ، وحيٌّ،
و حبيسٌ تحتَ الترابِ مقيمُ
وغويٌّ عاصٍ، وبرٌّ تَقيٌّ،
و استبانَ المحمودُ والمذمومُ
و بخيلٌ، وذو سخاءٍ، ولولا
بُخلُ هذا ما قيلَ هذا كَريمُ
و نرى صنعةً تخبرُ عن خا
لقِنا أنّهُ لَطيفٌ حَكيمُ
كيفَ نَومي، وقد حَلَلتُ ببَغدا
دَ، مقيماً في أرضها لا أريمُ
ببلادٍ فيها الرّكايا عَليهِـ
ـنّ أكاليلُ من بَعُوضٍ يَحُومُ
وَيحَ دارِ المُلكِ التي تَنفَحُ المِسـ
ـكَ، إذا ما جرَى عَليها النّسيمُ
وكأنّ الرّبيعَ فيها، إذا نَـ
ـورَ، وشيٌ، أو جوهرٌ منظومُ
كيفَ قد أقفرتْ، وحارَ بها الدهـ
ـرُ، وغنى الجنانَ فيها البومُ
فَهْيَ هاتيكَ أصبَحَتْ تَتَناجَى،
بالتشكي خرابها المهدومُ
طَرفاها برٌّ وبحرٌ، ويُجنى الـ
ـوردُ فيها والشيحُ والقيصومُ
نحنُ كُنّا سُكّانَها، فانقَضَى ذا
كَ، وبِنّا، وأيُّ شيءٍ يَدُومُ
ربّ خوفٍ خرجتُ منهُ فزالَ الـ
ـبأسُ منّي وأُقحِمَ التّرخيمُ
وَجّهَ الصُّنعَ لي، وجَلّى لي الكرَ
بَ إلهٌ، ربٌ، لَطيفٌ، رَحيمُ
أنا مَن تَعلَمونَ أسهَرُ للمَجـ
ـدِ، إذا غطّ في الفراشِ اللئيمِ
و مليٌّ بصمتةِ الحلمِ إن طا
رتْ سريعاً مثلَ الفراشِ الحلومُ
يا بني عمنا إلى كم وحتى،
ليسَ ما تطلبونهُ يستقيمُ
أبداً فارِغينَ إنْ تُطعَمُوا المُلْـ
ـكَ، كما ذيدَ عن رَضاعٍ فَطيمُ
أأبُو طالبٍ كمثلِ أبي الفَضـ
ـلِ، أما منكمُ بهذا عليمُ
شائلوا مالكاً ورضوانَ عن ذا،
أينَ هذا، وأينَ هذا مقيمُ
وعليُّ، فكابنِهِ، غَيرَ شكٍ،
واجبٌ حقهُ علينا عظيمُ
فدعوا الملكَ نحنُ بالملكِ أولى،
قد أقَرّتْ لَنا بذاكَ الخُصُومُ
واحذَروا ماءَ غَابَةٍ لم يَزَلْ طا
ئرُ حرصٍ عليهِ منكمْ يحومُ
إنّ فيها أسداً ضراغمَ أشبا
لَ رعيلٍ لم ينجُ منها كليمُ
وعَزيزٌ عليّ أن يَصبغَ الأر
ضَ دمٌ منكمُ عليّ كريمُ
غيرَ أنا من قد علمتم، ولا يصـ
ـلحُ من زعمكم علينا زعيمُ
لو تهيا هذا، ولا يتهيا،
لَتَهاوَتْ من السّماءِ النّجومُ