طربت وهاجتك الظباء السوانح

طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح

​طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح​ المؤلف عنترة بن شداد


طربتَ وهاجتكَ الظباءُ السوانح
غداةَ غدت منها سنيحٌ وبارح
تغالتْ بي الأشواقُ حتى كأنما
بزندينِ في جوفي منَ الوجدِ قادح
وقد كنتَ تخفي حبّ سمراءَ حقبةً
فَبُحْ لانَ منها بالذي أَنْتَ بائحُ
لعَمْري لقد أُعذِرْتُ لو تَعذِرينني
وخشنت صدراً غيبهُ لك ناصحُ
أعاذل كمْ من يوم حربٍ شهدتهُ
له مَنْظرٌ بادي النَّواجذِ كالحُ
فلم أرَ حياً صابروا مثل صبرنا
ولا كافحوا مثلَ الذينَ نُكافحُ
إذا شِئتُ لاقاني كَميُّ مُدَجَّجٌ
على اعوجيّ بالطعانِ مسامحُ
نُزاحِفُ زَحفاً أَو نلاقي كَتيبَةً
تُطاعِنُنا أَو يذَعرُ السَّرحَ صائحُ
فَلمَّا التَقينا بالجِفار تصَعصَعوا
وردَّت على أعقابهنَّ المسالح
وسارتْ رجالٌ نحو أخرى عليهم الح
ديدُ كما تمشي الجمالُ الدوالحُ
إذا ما مَشوا في السَّابغاتِ حَسبتُهُمْ
سيولاً وقد جاشتْ بهن الأباطحُ
فأشرعَ راياتٌ وتحت ظلالها
من القوْم أبْناءُ الحروبِ المراجحُ
ودُرْنا كما دارَتْ على قطبها الرَّحى
ودَارَتْ على هام الرِّجال الصَّفائحُ
بهاجرةٍ حتَّى تغَّيبَ نورها
وأقبل ليلٌ يقبضُ الطَّرف سائحُ
تداعى بنو عبسٍ بكلِّ مهنَّدٍ
حُسامٍ يُزيلُ الهامَ والصَّفُّ جانحُ
وكلُّ رُدَيْنيٍّ كأنَّ سِنانَهُ
شهابٌ بدَا في ظُلمَةِ اللَّيْل وَاضحُ
فخلُّوا لنا عُوذَ النِّساءِ وَجبَّبُوا
عباديدَ منهم مُستَقيمٌ وجَامحُ
وكلَّ كعوبٍ خدلة السَّاق فخمةٍ
لها مَنْبتٌ في آلِ ضَبَّة طامحُ
تركنا ضراراً بين عانٍ مكبَّل
وبين قَتيلٍ غاب عنهُ النَّوَائحُ
وعمْراً وَحيَّاناً ترَكْنا بقَفْرَةٍ
تعودهما فيها الضّباعُ الكوالح
يجرِّرْنَ هاماً فلَّقتها رِماحُنا
تزيَّل منهنَّ اللحى والمسايح