طرب الدهر فاستهل منيرا

طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا

​طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا​ المؤلف حيدر بن سليمان الحلي


طربَ الدهر فاستهلَّ منيرا
يملأ الكون بهجةً وسرورا
وسرت نفحةٌ من البِشر فيه
ضمّخت خيمةَ السماءِ عبيرا
عُدنَ أوقاته رِقاق الحواشي
لك تَهدي بشاشةَ وحبورا
كلّ وقتٍ يمرُّ منه تراه
باردَ الظلِّ طيبا مستنيرا
فكأَن الهجيرَ كان أصيلاً
وكأَن العشيَّ كان بكورا
بوركت من صبيحةٍ في ضُحاها
وَفَدَ اليمنُ بالسعود بشيرا
وإلى طلعةٍ جلت كلَّ همٍّ
ببنان الإقبال أضحى مشيرا
فتأمل عقودَ هذي التهاني
كيف زانت بها الليالي النحورا
وتصفّح أيامها الغرّ وانظر
كيف قد وشحت بهنَّ الخصورا
فرحٌ من شعاعه اقتبس النورَ
محيّا الدنيا فشعَّ منيرا
فاقتبل عمرها جديداً وأيامَك
عيداً والعيشَ غضًّا نظيرا
طاب نشر الأفراح في بِشر قومٍ
لهم الفضلُ أوّلاً وأخيرا
عترة المجد أُسرة الشرف المحض
زكوا محتداً وطابوا حجورا
شرعٌ في العُلى وغير عجيبٍ
فلها رشّح الكبيرُ الصغيرا
معهم يولد النهى فترى اليا
فعَ كهلاً والكهلَ شيخاً كبيرا
خاطروا في العُلى فناهيك فيهم
شرفاً باذخاً ومجداً خطيرا
منهم يستضاءُ شرقاً وغرباً
بوجوهٍ تكسوا الكواكب نورا
فمع الشمس يشرقون شموساً
ومع البدر يُشرقون بدورا
أيها العصر لا أرى لكَ مِثلاً
زانك المصطفى فباهي العصورا
قبله هل مسحت غرّة صبحٍ
عن لثام الأسفار أبدت سفورا
شخصت نحوه العيونُ ولكن
عاد بعض يَقذى وبعضٌ قريرا
فبعينٍ شعاعهُ كان ناراً
وبعينٍ شُعاعه كان نورا
بلّغته الرضا عزيمةُ نفسٍ
كبرت أن ترى الخطير خطيرا
كم طوى البيدَ باسطاً كفَّ جودٍ
نشرت ميّتَ الندى المقبورا
واستقلَّ البحورَ جوداً فأجرى
من أسارير راحتيه بحورا
مانحا بلدةَ بمسراه إلاّ
وأبت نحو غيرها أن يسيرا
إذا ذكره أطاف بأُخرى
كاد شوقاً فؤادها أن يطيرا
فأتى مشهداً لمن طافَ فيه
قد أعدَّ الإله أجراً كبيرا
فيه لطف الله الذي من يزره
زار في عرشه اللطيف الخبيرا
حازَ أجراً لو الورى اقتسمته
لغدا فيه كلّهم مأجورا
وبتلك الديار أبقى مزاياً
تستقلُّ المنظومَ والمنثورا
وانثنى راجعاً بأحشاء قومٍ
معه سافرت وعفنَ الصدورا
يا نديمي على الهنا زانك الله
ولقّاك نظرةً وسرورا
قل لعبد الكريم بُشراكَ يا مَن
شاد بيتَ المكارم المعمورا
قد أقرَّ الإله عينيكَ فيمن
كان في غرّة لعينيك نورا
زار بغداد مَن بها ركز اليومَ
لواءَ المفاخر المنشورا
راقها منه طلعةً بدرُ مجدٍ
لا رأت للغروب فيه نذيرا
ما تجلّى بباهر الضوء إلاّ
عاد طرفُ الحسود عنه حسيرا
حسدتها السما عليه وقالت
لمجلّيكِ ما حويتُ نظيرا
لو قبلتِ التعويضَ عنه لقايـ
ـتك حتّى هلاليَ المستنيرا
فهو يغني عمّن سواه ولكن
ليس يُغني سواه عنه نقيرا
من رآه يقري الضيوف ويسعى
للمعالي ويطلق المأسورا
قال: هذا محمدٌ ذلك الصا
لحُ قد عاد شخصه منشورا
ونعم لا تقل طوى الموت من لم
تفتقد منه سعيَهُ المشكورا
وكذا الشمس إن تغب فابنها البد
ر يجلّي بنورها الديجورا
يا بن من قد أتى على الجود حينٌ
فيه لولاه لم يكن مذكورا
بك قرَّت عينا أخيك كما طر
فُك قد عاد في أخيك قريرا
فلمن منكما أُهنّي تساوى
فيكما البشر زائراً ومزورا
إنّما أنت للمعالي يمينٌ
وهو قد كان سيفَها المشهورا
فإذا ما هزَزَتَهُ يوم فخرٍ
جاءَك الدهر مُذعناً مستجيرا
فرويداً مُراهنيه رويداً
لن تشقّوا غبارَه المستطيرا
خلفكم عن مدىً يشقّ عليكم
ما ركبتم إليه إلاّ الغرورا
ما لعليا محمدٍ حسنِ الأخلاق
تلقى الشعرى العبور عبورا
ماجدُ النفس في اقتبال صباه
يلبس الفخر كلّ آن حبيرا
مستطيلٌ كم ابتدا مكرماتٍ
عاد باع الكرام عنها قصيرا
رفّ نبت المُنى بجانب جدوا
هُ فكانا خميلةَ وغديرا
كان تأريخ بيته أوّل الدهر
على جبهة العُلى مسطورا
عن أبيه عن جده المصطفى ير
وي حديث المكارم المأثورا
قد بنى في السماءِ قبّة مجدٍ
تخذ النيّرات فيها سميرا
من كرامٍ قد استرقّوا لباس الـ
ـحمد والناس تسترقّ الحريرا
لعلاها محمدٌ قد أعدتّه
جواداً على الثناء مُغيرا
كم جرى والصَبا بحلبة جودٍ
فغذا عنه شأوها محسورا
وجلا أُفقها محمدٌ الها
دي لمن نصّ في الظلام المسيرا
كوكبٌ عَزّ أن يرى فلك المجد
منيراً بمثله مستديرا
ولها من محمدٍ بأمينٍ
حفظت كنز فخرِها المذخورا
قد رقى حيثُ ليس ترقى الثريّا
وسقى الوافدينَ نوءاً غزيرا
وبعبد الحسين قد فاخروا الشمـ
ـس فودّت في الأُفق أن لن تُنيرا
هم بنو السؤدد القديم كما هم
إخوة المجد واحداً وعشيرا
فادع غريّد أُنسهم ثم أرّخ
رجعة المصطفى بها اسجع دهورا