ظلمات تقدرت تقديرا

ظلمات تقدرت تقديرا

​ظلمات تقدرت تقديرا​ المؤلف عبد الغني النابلسي


ظلمات تقدرت تقديرا
من قديم وصورت تصويرا
وعلا بعضها المرتب بعض
هكذا طبق ما أتى تحريرا
واسمها الكائنات علوا وسفلا
كاملات لا نقص لا تغييرا
كاشف حيث لا بداية عنها
نور حق يعرف التنكيرا
فهي بالنور وهو محض وجود
مطلق عن قيودها تكبيرا
وعهدنا النور المنفر للظلمة
في الحال إن بدا تنفيرا
ثم إنا لما رأيناه أبقى
وصفها طبق ما اقتضته قريرا
وهي لا شك أنها عدم صرف
قديما قلنا مقالا شهيرا
رحمة منه عمت الكل حتى
أثرت في ظهورهم تأثيرا
ولهم ههنا الظهور وخاف
هو عنهم بهم يرى التستيرا
وهو رأي العوام من أهل دين الله حظ النفوس فيهم أثيرا
...
ولنا ههنا مقالة صدق
حبرتها أئتمى تحبيرا
إنما الظاهر الذي ليس يخفى
نور حق وسل بذاك خبيرا
والتي لم تكن ولا هي كانت
لاح فيها نور الغيوب منيرا
ظلمات على الذي هي فيه
أزلا لم تزل ولا تنويرا
إنما النور وحده هو باد
في ظلام مقدر تقديرا
فيرى نفسه برؤيتنا في
كل شيء لذاك كان بصيرا
ونرى نفسنا به ويرانا
هو أيضا بنا فكان قديرا
ونراه برؤية هي منه
جاءنا وعده بها تبشيرا
ثم في الأربع المراتب كشف
هو هذا للنور ثم استعيرا
واعترته مراتب وإضافات
فسمي عقلا وحسا كثيرا
وإذا حقق المحقق هذا
ونفى عنه بالسوى تغريرا
قال أوصاف ربنا وكذا الأسماء
بالكائنات فاحت عبيرا
فهو منها الأوصاف وهو المسمى
عندها باعتبارها تقريرا
ولهذا نقول تلك قديمات
وعين الذات التي لا نظيرا
وهي ذات حقيقة موصوف
ومسمى شريعة توقيرا
ثم بالشرع والحقيقة نأتي
ظاهرا باطنا ولا تخييرا
ونقول الذي به الكل قالوا
فنساوي المحقق التحريرا
إنهم عند ربهم درجات
كلهم لا تشيين لا تعبييرا
والبرايا قسمان أهل نعيم
في جنان ومن يرون السعيرا
فالذي قلبه المصدق ناج
وسواه مكفر تكفيرا
ثم أهل الجنان قسمان أدنى
ثم أعلى يرى بها التصديرا
والذي فاته الذي نحن فيه
ههنا من علومنا تقصيرا
إن يكن مؤمنا به مذعنا لا
هو ناف له يراه حقيرا
فهو في جنة النعيم ولكن
لا يرى الرفع والمقام الخطيرا
وإذا كان جاحدا مسلما في
ظاهر الشرع يلتقي تيسيرا
وهو في مذهب الحقيقة شخص
كافر لا يرى الغداة نصيرا
وبحكم الحقيقة الله فينا
حاكم في غد فكن مستجيرا
وهنا الشرع لانتظام أمور الناس
وافى مبشرا ونذيرا
فاغتنم ما أقوله لك واعرف
وتذكر بفهمه تذكيرا
وتبين مقالتي فهي نصح
لك جاءت فحذرت تحذيرا