عبقرية عمر (المكتبة العصرية)/تقديم


[2]

بسم الله الرحمن الرحيم



عبقرية عمر


حمدا لله ، وصلاة وسلاما على البشير النذير ، والسراج المنير ، سیدنا و مولانا محمد، وعلى آله وصحبه ، وكل من سار على نهجه ودر به ، ونستعين بخیر معین ۰۰ ربنا آتنا من لدنك رحمة وهي لنا من أمرنا رشدا . وبعد : فالكتاب الذي بين أيدينا امتطى له العقاد صهوة فكره ، بغية الاحاطة بعظمة بطله ، فبطله ذو لون جديد ، وعبقريته ذات طابع فريد فنوه الي منهجه في الكتاب بأنه ليس سردا لسيرة عمر ، ولا عرضا التاريخ عصره ، وانما هو وصف له ، ودراسة لاطواره ، ودلالة على خصائص عظمه ، واستفادة من هذه الخصائص العلم النفس ، وعلم الأخلاق ، وحقائق الحياة ، لذلك ركز على ما يفيد في هذه الدراسة ، سواء لديه أكان من حادت صعير أم عطيم وأظهر الأستاذ العقاد وجه عندما حاول أن يجاري من يسمون بالكتاب المنصفين ، الذين يفرتون المدائح بالمعايب ، ويمزجون النقائص بالمناسب ، ولا يأتون بحسنة الا نقبوا عن سيئة تمحوها ، أو تقلل منها ، وكان سر حر العقاد ، أنه لم يجد عيبا ولا نقيصة ولا يستحق اللوم في حياة عمر وأطواره . مما جعله بتوقع أن بالمغالاة والتحيز والاعجاب ، وله العذر كل العذر في ذلك ، اذ كيف يحاسب - هو أو عيره - عمر بن الخطاب ، وقد كان عمر يحاسب نفسه بأعنف مما كان يمكن أن يحاسبه غيره ؟؟؟ ان طبيعة عمر بن الخطاب وخلائقه ، كانت تؤهله للزعامة عن جدارة رانندار ، ولكن أي نوع من الزعامه كان يمكن لعمر أن يناله ؟ لم تكن هناك زعامة مهيأة له - لولا الاسلام - الا زعامة نبيلمه « بني عدي ،، أو رعامة ترین قبيلة الكبري ، تم بنهي به الأمر عند هذا الحد ، ولا بعد ذلك خبر ، بأنه في ذلك شأن من سبقوه ، ولكن الإسلام هو الذي أبرز طاقات وأطهر مواهبه ، وفجر فدراته ، وكشف النقاب عن عظمنه وعبقريته ، وحدد له الزعامة اللائقة به ، والدور الملائم له ، ليعز به الاسلام ، ويزداد هو بالاسلام عزا ، ويبقى ذكره عطرا ، وأثره عبقا فعمر الذي عرفه تاريخ العالم ، ولید الدعوة المحمدية دون سواها ، ولولا الإسلام ، لما عرف العالم عمر

[3]ولكن ما دام هذا شان عمر ، فلماذا لم يقدم على أبي بكر في الخلافة ؟ الكاتب على هذا السؤال بأن تقديم أبي بكر على عمر لم يكن من باب المفاضلة بين رجلين ، وانما من باب التوفيق بين الرجل والموضع الذي ينبغي أن يوضع فيه ، والمهمة التي ينبغي أن يندب لها ، والوقت الذي يحين فيه أوانه..

والرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعرف لكل من الرجلين فضله ومميزاته ، وأن أشد المسلمين في الله ، وابو بكر فيه لين وهوادة ، وخلافة أبي بكر تجمع للاسلام الزيتين ، لان عمر لن يبخل بشدته، ان احتاجها ابو بکر سندا لهرادته ولذلك .. فقد كان عمر أول من بايع ابا بکر ، وحث الناس على بيعته ، وقال لأبي بكر وهو يمد يده ليبايعه : أنت افضل مني ، فيقول له أبو بكر : بل انت أقوى مني ، فيجيبه عمر : ان قوتي لك مع فضلك !! فكان لأبي بكر وقته الملائم ، وكان لعمر حينه المناسب ، والحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أشار إلى خلافة أبي بكر ، وانها ستكون قصيرة ، وسيأتي بعده عمر وذلك حين قال :

«رأيت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب ، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا - والله يغفر له - ، ثم جاء عمر ، فاستحالت غربا ، فلم أر عبقريا يفري فريه ، حتى روى الناس ، وضربوا بعطن ،»

وفسر ضعف النزع، وكونه ذنوبا أو ذنوبين ، بقصر خلافة أبي بكر : وفسر فیض الري على يد عمر ، بأنه فيض العبقرية التي ينفع لها الأجل ، وتتسع أمامها منادح العمل ، ويؤتى لها من السبق ما لا يؤتي لغير العبقريين • ولئن كانت العبقرية لا تخرج في معناها عن : التفرد ، والسبق ، والابتكار فكل هذه الصفات قد تجمعت في شخص عمر ، لان تاريخه زاخر بتلك المعاني في الكثير مما أنجز

لقد كان عبقريا ممتازا في تكوينه وأعماله ، وكان مهیبا رائع المحضر ، حتى في حضرة النبي - عليه الصلاة والسلام - فقد روت السيدة عائشة - رضي الله عنها - : أنها طبخت له - عليه السلام - حريرة ، ودعت سودة أن تأكل منها فأبت ، فعزمت عليها لتأكلن او لتلطخن وجهها ، فلم تاكل فوضعت يدها في الحريرة ، ولطختها بها ، وضحك النبي صلی الله عليه وسلم - وهو يضع الحريرة بيده لسودة ، ويقول لها : لطخي انت وجهها ففعلت ۰۰• رمر عمر ، فناداه النبي : يا عبد الله ، وقد ظن أنه سيدخل ، فقال لهما : قوما فاغسلا وجهیکما !!

قالت السيدة عائشة : فما زلت أهاب عمر ، لهيبة رسول الله - صلی الله عليه وسلم - اياه !!

[4]سمه 6 ولنا أن نتصور رجلا له مهابة في نفس الرسول !! وقد كان النبي يرعی تلك الهيبة ، رضي عنها ، واغتباطا بأثرها في نصرة الحق ، وهزيمة الباطل وتأمين الخير والصدف ، واخانة أهل البغي والبهتان ولقد كانت هيبة عمر نابعة من قوة نفسه ، قبل أن يكون مصدرها قوة جسده على أن عمر المهاب ، كان سريع البكاء اذا جاشت نفسه بالخضوع والخشوع بين يدي الله ، حتى ترك البكاء على صفحتي وجهه خطين أسودين f 1 وكان يحسب < 1 شخصية ، ومن السمات التي اتسم بها عمر : أنه كانت له قدرة مذهلة على تمييز المذوفات والمشمومات التي لا يسهل التمييز بينها .. ومن ذلك ما روي : أن علامه سفاه ذات يوم لبنا ، وأنكره ، فسأله : ويحك ، من أين هذا اللبن ؟ قال الغلام : ان الناقه انفلت عليها ولدها ، فشرب لبنها ، فحلبت لك ناقة من مال الله !! و كان ذا فراسة نادرة ، وقدرة على كشف الخفايا واستيضاح البواطن التفاؤل ، ويعنه بالرؤيا ، والنظر أو الشعور على البعد ، وهذا ما يطلق عليه علماء النفس المعاصرون اسم : « التلباني ،، وله في ذلك من النوادر ما يبه .. ساق الكاتب عديدا من نماذجها والقوة صفة لازمت عمر ، ودلت عليها مناقبه وإلى جانب فوته فقد اشتهر بالعدل ، والرحمة ، والغيرة ، والفطنة ، والايمان الوثيق ، واستمد قمر هذه الصفات من روافد شتی : بعضها من وراثة أهله ، وبعضها من تكوين وبعضها من عبر أيامه ، وبعضها من تعلیم دینا ۰۰ واستدل الكاتب على كل صعة من هذه الصفات بما يثبنها ويؤيدها ، مبينا أن كل صفة من هذه الصفات ، كانت في موضعها تطغى على غيرها ، فلا تعطيها إلى جانبها میانه رسوخ واستقرار واذا كان المستشرفون قد اتهموا عمر ، بأنه كان محدود التفكير ، وأنه كان يأخذ الأمور بقياس واحد ، فقد رد عليهم الكاتب ، بأن عمر كانت له فطنة الرجل العليم بنفائص الأخلاق ، وخبايا النفوس ، وأنه لو كان محدود التفكير ، ينظر الى الأمور من جانب واحد ، لا كنرت، مشاورانه للكبار والصغار، والرجال والنساء ، مشاورة من يعلم أن جوانب الآراء تتعدد ، وأن للامور وجوها لا تنحصر في الوجه الذي يراه ، وأنه كثيرا ما قال : و أخوف ما أخاف علیکم اعجاب المرء برأيه وذكر الكاتب في كلامه عن صفات عمر : بأنه لم يكن ينثني للخطوب كغيره ، وانما كانت تننني له الخطوب !! وعبر عن كل صفاته، بأنها و ترکیبة ، ولیست و ترکیبا تشبيها لها بأجزاء الدواء ، الذي اذا نقص جزء منه ، نقص نفعه كله

f

[5]f

d 4 کم و ولقد راى الكاتب أن مفتاح شخصية عمر : د طبيعة الجندي ، في صفتها المثلى ، وبين أن أهم الخصائص الطبيعة الجندي في صفتها المثلي : الشجاعة والحزم ، والصراحة ، والخشونة ، والغيرة على الشرف ، والنجدة . والنخوة ، والنظام ، والطاعة ، وتقدير الواجب ، والايمان بالحق ، وحب الانجاز في حدود التبعات أو المسئوليات ۰۰۰ وان هذه الخصائص كلها كانت واضحة في عمر ، حتى أنه بمجرد السؤال عن عظيم اتصف بهذه الصفات ياتي الرد : انه عمر وعمر في مخالفاته وطاعاته ، كانت له مخالفات الجند وطاعاتهم ، ولا عجب في هذا ، فقد كان فعلا شرطيا لرسول الله - . صلی الله عليه وسلم -، وصرح هو نفسه بذلك ، حيث قال في احدی خطبه ما فحواء : كنت مع رسول الله ، فكنت عبده ، وخادمه ، ولوازمه ( الجلواز : الشرطي ) وكان كما قال الله تعالى :- بالمؤمنين رؤوف رحيم ،، و کشت بين يديه كالسيف المسلول ، الا أن يغمدني ، أو ينهاني عن أمر فاکن عنه ، والا أقدمت على الناس لمكان امره و حتی نکاهات نفسها ، كانت كفكاهات الجند ، فيها طابع الخشونة والحدة واستطاع الكاتب أن يبرز كل مفات الجندي المثالي في عمر ، بما قدم له من أدلة ، وما أني من برهان وتناول الكاتب قصة اسلام عمر ، بروایاتها المختلفة ، مقدما لذلك، بأن أي تغيير يطرأ على الانسان في شكله ، أو زيه ، أو وطنه ، أو ما إلى ذلك ، فهو أمر عادي ، أما تغيير معتقده ، فهذا أمر يحتاج إلى أسباب وجيهة ، ومهيئات عديدة ، ذاكرا ان الاسلام بدا يدب في قلب عمر ، منذ ان رأی ام عبد الله بنت حثمة ، وهي تستعد للهجرة الى الحبشة ، فاقترب منها ، وقال لها : انه الانطلاق یا ام عبد الله ! قالت : نعم ، والله لنخرجن في أرض الله ۰۰۰ آذيتمونا ، وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا فرجا ، فقال لها في رقة غير معهوذة : محبكم الله !! • ثم استعرض اسباب اسلام الكثيرين ، وجمع كل هذه الأسباب لعمر ، فمن أخذوا - مثلا - ببلاغة القرآن ، فأسلموا ، فان عمر كان طويل الباع و البلاغة ، حسن النقد فيها ، هواه منها الصدق ، والطبع ، وجمال التفصيل ، فكان - مثلا - يطرب لقول زهير : فان الحق مقطعه ثلاث : يمين ، أو نفار ، أو جلاء ويقول كلما أنشده معجبا : ما أحسن ما قسم ، وسماه شاعر الشعراء ، لانه لا يعاطل بين القوافي ، ولا يتبع حواشي الكلام ، وربما قضي الليلة ينشد شعره حتى يبرق الفجر ، فيقول لجليسه : الان اقرا يا عبد الله !! وقدم الكاتب العديد من الصور الناطقة له بذلك . t & و و 4 t .

1 [6]Y- عمر f f تأسيسها من يوم f كما تحدث عن نهج في الاسلام ، موضحا بالأمثلة رأيه في المظهر المخالف للمخبر ، والعمل للدنيا ، والتواكل ، والاستكانة والتماوت ، ونظافة الثوب وطيب الرائحة ، والرمي ، والعوم ، والفروسية ، والعدوى بالطاعون ، والضرر والمفع بالنسبة للحجر الاسود وشجرة الرضوان ثم تحدث عن تقشفه ، وطريقة معاملته للأميين ، وحبه وكرمه ، رانا كان في حبه وكرهه لا يظلم ولا يحابي وعلى العموم ۰۰ فقد دخل عمر الاسلام من كل أبوابه كالعاصفة ، و كان اسلامه صفحة جديدة قد تفتحت في العالم الانساني واذا كانت العبقرية لا تخرج عن معنى التفرد ، والسبق ، والابتكار فقد تجسدت كل هذه المعاني في عمر ، وهو يؤسس الدولة الإسلامية ، والتي ارتأي الكاتب أنه بدأ في أن بائع أبا بكر على الخلافة ، بل من يوم أن شرح الله صدره للاسلام قاف منح بذلك تاريخا ، واستهل حضارة ، وأنشأ حكومة ، ورتب لها دواریں ، ونظم أصول القضاء والادارة ، واتخذ لها بيت المال ، ووصل بین أجزائها بالبريد ، وحمى ثغورها بالجيوش ، وكان أول واضع الدستور الشوری في الدولة الإسلامية ، ووضع دستور الحرب القواده ، ولم يفته أن يضع سه دستورا دوامه : « ان الحكم محنة للحاكم ، ومحنه للمحتكرين ، رانیه لا يصلح الا بشدة لا جبرية فيها ، ولين لا وهن فيه ، وان الخليفة مهول أمام الله والناس عن جميع ولاته ،، وان صلاح الأمر في ثلاث : أداء الأمانة . والاخد بالقوة ، والحكم بما أنزل الله ولا د وصلاح المال في ثلاث : أن يؤخذ من حق ، ويعطى في حق ، ويمنع من باطل » ۰۰۰ ووضع دستور الولاية وكان قوامه : تمييز بالواجب والكفاءة ، وليس تمييزا بالواجب والاستعلاء وبين الكاتب ما يمكن أن يقال في عزل الاكفاء من الولاة ، واسلوب عمر في مراقبتهم وكان لعمر مذهب في الأخلاق الاجتماعية ، يشبه مذهبه في الفضاء فكان يكره أن يكشف المرء من أخيه ما يستره عنه ، وينهى أن تظن بكلمة شرا وأنت تجد لها في الخير محملا ۰۰۰ ووضع نظاما لتحصيل الجزية ، وأسس ديوان الوقف الخيري ، وعددا آخر من الدواوين ، وكان له دور ملموس في النعمير ، واصطلاع بنفریج الأزمات كما حدث في عام الرمادة ۰۰۰ مما يمكن معه أن ينال : ان عمر اکبر مؤسس الدولة الاسلام ، قبل أن يكون أكبر فاتح في صدر الإسلام ، وانه أسس تلك الدولة على الايمان ، لا على الصولجان ، وكان من يوم اسلامه آخذا في تشييد هذا البناء ، حتی ترکه وهو بين دول العالم أرسخ بناء . وكانت حكومة عمر قائمة على أساس من العدل والحرية ، ولو أردنا أن نقارن بين حكومات العصر وحكومته ، لم نجد أساسا للمفارنة ، وإذا قسمنا + & 4 f [7]€ $ f ¢ . .. أعماله بنظام الحكم في زماننا ، وجدنا الكثير من المستغربات التي تحول بيننا وبين تقديرها الصحيح لأول وهلة ، فعمر قد أدى الواجب الحكومي على الوجه الأتوم ، ولا سبيل لمؤاخذته بقياس حديث أو قدیم وركز الكاتب على منهج عمر في التقشف ، وبين أنه لم يكن عن عجز ، وانما كان وفاء لحق الصداقة ، والمراد بالصداقة هنا : صداقته للنبي رصداقته للصديق ، فكان لا يستسيغ لنفسه متاعا لم يتحقق لكليهما، وكان يؤثر الشدة ، ليقطع الشك ، ويدرا الشبهة ، ويقتدي بصاحبيه ، ويترك القدرة المثلى لمن يليه وفي الوقت الذي ترى فيه عمر بطلا يررع ، ويعرف روعة البطولة ويستحق الاعجاب غاية استحقاقه ، نراه من فرط ولائه لن يفوقونه أنه خلق للاعجاب بغيره ، ولم يخلق ليكون موضع اعجاب ، و كم كانت غبطته حينما ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : يا أخي ، !! وكان عمر يتصاغر على قدر ما يراه من بواعث الكبرياء ، لا على قدر ما يراه من بواعث الصغر ، وليس أدل على ذلك من دخوله الشام ماشيا على الرغم من أنه المنتصر ، وتذكيره لنفسه كلما حدثته بأنه قد صار في منزلة العظمة والسلطان ، بانه كان راعيا لإبل الخطاب وكان اعجابه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفوته اعجاب ، مع أنه لم يكن أحد مستقلا برأيه في مشورة النبي کاستقلال عمر ، فهو صاحب المشورة في حجب نساء النبي ، وصاحب التأييد في رابه من رب العالمين في العديد من الأمور ، وهو الذي راجع النبي في التبشير بالجنة لمن يشهد أن لا اله الا الله ، مخافة أن ير عن المسلمون إلى ذلك ذلك ، كان يضع نفسه بالنسبة للرسول - عليه الصلاة والسلام - موضع المأموم من الامام ، والمريد من العالم ، والشرطي من القائد وتناول الأستاذ العقاد بالايضاح والتحليل موقف عمر من آل البيت ورد على من اتهموه بأنه كان يناجزهم ، وأنه حال بين على والخلافة ولقد كان راي الصحابة في عمر واضحا غاية الوضوح ، * يحمل کل اجلال واكبار عثمان بن عفان هو الذي قال لزياد : ۰۰۰. لن تلقی مثل لن تلقی مثل عمر لن تلقی مثل عمر ،• ویکی علی یوم مات عمر ، وسئل في ذلك ، فقال : « أبكي على موت عمر ، ان موت عمر ثلمة في الاسلام لا ترتق الى يوم القيامة وقال فيه ابن مسعود : كان اسلامه فتحا ، وكانت هجرته نصرا ، و کانت اماميه رحمة . وقال معاوية موازنا بين الخلفاء : « أما أبو بكر فلم يرد الدنيا ولم ترده ، وأما عمر فارادته الدنيا ولم يردها ، وأما نحن فتمرغنا فيها ظهرا لبطن : وقال عمرو بن العاص : . لله در ابن حنتمة ( اسم ام عمر ) ، أي امری، كان ؟؟ • ولكنه مع 6 . ووه . عمر t [8]f . f اما عمر ، فقد كان يرعى قدر الصحابة ، ويعرف لكل منهم فضله وقدره ، وما أثير حول عزله لخالد بن الوليد من الاتهامات تناوله الكاتب بکشن حقائق ، تجعل عمر متهما لو لم يتخذ هذا القرار .. فقد كان هناك مأخذ العمر على خالد في عهد الرسول ، وفي عهد الصديق ، ثم في عهد عمر ذاته ، ويتوج هذه المأخذ خروف عمر من افتتان الناس بخالد ، أو افتتان خالد بالناس وهذا وحده سبب وجيه لقرار العزل ثم أن عزل خالد كان سنة عمرية الولاة وأما عن ثقافة عمر ، فقد كان موفور الحظ من ثقافة عصره ، و كان ادیبا مؤرخا فقيها ، وخطيبا مطبوعا على الكلام ، وشغوفا بالشعر الجيد وان لم يقله ، وهو الذي حث على تعليم العربية ، وأوصي بوضع قواعد النحو خاصة بعد أن كثرت الفتوح، وأنكر بعض انواع الشعر : کالهجاء والتشبيب ، ذواقة للشعر .. كما أنه كان عالما بناريخ العرب ، وايامهم ، ومفاخر أنسا بهم وكان عالما فقيها ، قال فيه ابن مسعود : « كان عمر اعلمنا بكتاب الله ، وأفقهنا في دين الله . وقال : ولو ان علم عمر بن الخطاب في میزان ، ووضع علم الارض في كفة ، لرجح علم عمر بعلمهم ، ولقد كانوا يرون أنه ذهب بتسعة أعشار ، وكان D العلم وقال عنه ابن سیرین :. اذا رايت الرجل يزعم أنه أعلم من عمر ، فشك في دينه ، ۰۰ ولقد نصح عمر العلماء فأحسن النصح ۰۰ وكان يشجع الاختراعات التي تنفع الناس ، وله علم بجغرافية الشرق ، وكان رضي الله عنه - وفيا للذكرى ، فأرخ للهجرة ، واحترم توقف بلال عن الأذان بعد وفاة النبي و نعي الكاتب عن عمر تهمة أمره بحرق مكتبة الاسكندرية ، بأدلة مقنعة ، وحجة قاطعة • وعمر صاحب السلطان الكبير ، والسيطرة الواسعة ، كان يعيش عيشة الكمان، إلى حد أزهد فيه العديدات من النساء ، فرفضن الزواج منه ، وهذا الرفض خیر شهادة على عظمته ۰۰ وقد وصفته احدى الرافضات ، وهي : أم ابان بنت عتبة بن ربيعة ، بقولها : أنه رجل أذهله أمر آخرته عن أمر دنياه ، كأنه ينظر الى ربه بعينه ، !! وهل مثل هذه الشهادة تحسب لعمر ، أو على عمر ؟؟ كذلك كان من بين الرافضات : ام کلثوم بنت أبي بكر ، وبينت سيپه رفضها بقولها للسيدة عائشة :: انه خشن العيش : شديد على النساء • [9]4 t وقد سلمنا أن خشونة العيش تحسب له، فهل شدته على النساء كذلك ؟ اثبت الأستاذ العقاد أن شدته على المراة لم تكن الا بقدر مجاوزتها الحدودها ، وهذا أمر طبيعي في الرجال .. معظم الرجال فما للمراة من حق تعطاه ، وما ليس لها بحق لا تعطاه ، بل وتذاد عنه .. ومن ذلك - مثلا - أن امرأته تشفعت له في رال مقصر ، رسالته : فيم وجدت عليه ؟ فالتفت اليها غاضبا ، وقال لها : رنيم انت وهذا ؟؟ والمنصفون يحسبون مثل هذا الموقف لعمر لا على عمر ۰۰ ومع ما عرف عنه من الشدة وخشونة العيش ، فنساؤه اللائي عاشرنه ، قد كلفن بحبه ، ورضين عيشه ، لرضاهن بمودته وعطفه ، وكانت احداهن لا تطیق فراقه ، فاذا خرج مشت معه إلى باب الدار ، فقبلته ، ولم تزل في انتظاره رعاتكة بنت زيد من احدى نسائه - تولهت في رثائه حين قتل ، وقالت فيه شعرا يذوب أسى وحسرة ، ولم يكن بكاؤها عليه كبكاء كل زوجة على كل زوج فقید . واشتهر عمر بالغيرة على المرأة ، وفي ذلك يقول الحبيب محمد - الله عليه وسلم - : « ان الله غيور يحب الغيور ، وان عمر غیور ، و کانت غيرته على المرأة شطر من غيرته على كل حرم وحوزة وكان عمر ابنا بارا را با رحيما وعطونا على الاطفال ۰۰ ارکان له اجمل الصلات برحمة : وذويه ولقد أشار الأستاذ العقاد اشارة لطيفة ، عندما قارن بين تحمل الرسول التطاول نسائه ، ورفض عمر لهذا التطاول ، فقال : محمد . انسان ، عظيم ، وعمر و رجل ، عظيم ، والرجل العظيم يرحم يرحمها الجندي في معرض القوة والنضال ، ولكنه يأنف أن يستكين السلطانها في معرض الهوى والفتنة اما الانسان العظيم : فهو يشمل ضعف الانسانية كلها ، ويعطف عليه ومنه ضعف المرأة في غرورها ، واعتزازها بدلال الضعف على القوة ۰۰۰ فهر يرى في تكبر المراة - اذا كانت كبيرة عنده - نوعا من الاعتراف بكبره ، وهو لا يقف معها في ميدان كما يقف كل ذكر وانثي ، لان میدانه يشمل الميدانين مجتمعين : اذ هو ميدان الانسان كله ، والانسانية جمعاء ومع كل ذلك ، فقد كان للمرأة رأي في عمر ، لا يخرج عن الاحترام والتقدير .. فقد وصفته سيدة نساء العصر ، أم المؤمنين عائشة . رنسي عنها بأنه : نسيج وحده . المرأة كما

f [10]1 عمر وقالت فيه الشفاء بنت عبد الله : « كان اذا تكلم أسمع ، واذا مشی اسرع ، واذا ضرب أوجع ، وهو الناسك حقا . وقالت ام ایمن ، يوم أصيب : اليوم وهي الاسلام ، واذا كان هذا رأي النساء فيه ، و رأي أعلام الصحابة ؟؟؟ قال عنه عارفوه : « باطنه خير من ظاهره ) وقال فيه الصديق ما فحواه : « ان مبغضيه هم المبغضون للخير ، . وقال فيه ابن مسعود : « لو أعلم - کان يحب كليا الاحببته ،• وعمرو بن العاص ، ومعاوية ، كانا يثنيان عليه ، مع انهما ذاقا ضربات عدله وهيبته • وشاء القدر أن يقنل عمر بيد الغدر والتآمر والخيانة ، وقد تكشفت له تلك النهاية قبيل ذلك ، حينما رأى في منامه : كأن دیگا نقره نقرتين ، فقال : بسوق الله الى الشهادة ، ويقنلني أعجمي وفعلا مأن عمر بطعنات من حنجر فیروز . أبي لؤلؤة ، الذي كان من سبايا الفرس بالمدينة .. وذهب - رحمه الله - شهید مؤامرة من أعداء الدولة الاسلامية ، وصوت الحق ينادي : و يا أيتها النفس المطمئنة . ارجعي الى ربك راضية مرضية . فادخلي فلي عبادی وادخلي جنتي ، ودفن إلى جوار الحبيبين : محمد .. والصديق و بعد هذا العرض الخاطف ، الذي لا أدعي أنني قدمت فيه كل ما يجب أشعر في النهاية - مثلما شعرت في البداية - بالهيبة والوقار ، والتجلة والا كبار ، و كل ما يليق ببطل هذه الرحلة : عمر الرجل .. عمر الممتاز عمر العبقري . ولا يفوتني أن أنوه بعظمة الكاتب في احاطته بالموضوع، وعرضه الشيق وأسلوبه الجزل ، ومعانيه الحسان ، ودقة تحليله ، وروعة استنباطه ، فما أثبت لعمر صفة الا وأقام عليها الدليل ، وما درا عنه تهمة الا واستند الى م . ۴ أن يقدم عمر العظيم . f برهان الله عمر ورحيم الله العقاد ۰ مهدي عبد الحمید مصطفی مبعوث الازهر الشريف في لبنان