عسى للصبا علم برسم المعالم

عسى للصَّبا عِلْمٌ بِرَسْمِ المعالمِ

​عسى للصَّبا عِلْمٌ بِرَسْمِ المعالمِ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس



عسى للصَّبا عِلْمٌ بِرَسْمِ المعالمِ
 
فتبردَ حرّاً من صبابة ِ هائمْ
ربوعٌ ربعتُ اللهو والكاس والصِّبا
 
بها مُكْرَماً بالوصْلِ عند الكرائم
لياليَ تعذيبي من الوجد مقلقي
 
ورشفي اللمى من عذبة الرِّيق غارمي
وقد كان في مَحْلِ الهوى وانتجاعِهِ
 
مُنَدّاي في وَرْد الخدود النّواعم
فيا ريحُ إنَّ الرّوحَ فيكِ فعلّلي
 
به ساهراً، وقفاً على ذِكرِ نائمْ
تطيّبتِ بالأرضِ التي طابَ تُربها
 
ومجّ نداها الندَّ في أنف لاثمْ
وأذكرْتِني عَصْرَ الصبا فكأنَّما
 
تَحدّثُ منه العين عن طيف حالمْ
أعيدي حديثاً عنده مَوْردٌ، لنا
 
وُقوعٌ عليه، بالقلوب الحوائم
وهاتي جهامَ السُّحبِ أملؤها حياً
 
بدمعي لسقيا أرْبُعي ومعالمي
سرتْ موهناً تمشي على الماء بالهوى
 
وبِالمسكِ من أنفاسِها في النّمائمْ
وليس حديثُ الريح إلا تبسّماً
 
يفتّ حصاة َ القلب بين الحيازم
وكم من بِلى صبرٍ تهبّ به أسى ً
 
وتجدِيدِ شوقٍ من هوًى متقادم
وأسطارِ حزن يملأ الخدَّ خطُّها
 
جراحاً، بأقلام الدموع السواجم
فمَنْ لغريبٍ مذْهبٍ شَطْرَ عُمْرِهِ
 
طِلابُ المعالي وارتكابُ العزائم
ذوى عُودُهُ وانحطّ في العمرِ إذا رَقَى
 
إلى سنِّ مَنْ أفنى ثلاثَ عمائم
لقد صرمتْ حبلي ظباء الصرائم
 
وجازَتْ مَوَدّات الهوى بالسخائم
وأعرضَ عن ذكري الحسان وطالما
 
نقشنَ كلامي في فصوصِ الخواتم
 
مغيرا، فتغدو غُرّها من غنائمي
كأنِّيَ لم أُشْغَفْ بِزَهْرِ بَرَاقِعٍ
 
يقصّرُ عن ريّاهُ زَهْرُ الكمائم
ترى نرجس الأجفان منه كلاثمٍ
 
يشير إلى ما في أقاحِ المباسمِ
لياليَ يشدوني على كأسِ قهوة ٍ
 
قيانُ العذارى أو قيانُ الحمائم
وصفراء في جسم الزجاج تميّعتْ
 
تألقَ برقٍ في الغمام لشائم
ترى الشمسَ منها وَسْطَ هالة ِ أنْجُمٍ
 
ولا فلكٌ إلاَّ بَنَانُ المُنَادم
وكم غادة ٍ زارَتْ على خوفِ رِقْبَة ٍ
 
ولم يثنِها عن زورتي لومُ لائم
فباتَ يشبّ النارَ في القلب حُبُّها
 
على أنها كالماء في فم صائم
وبيدٍ تَرَى ذاتَ السنابك في السّرَى
 
مسلِّمَة ً فيها لذات المناسم
بها من قبيلِ الإنس جنّانُ مَهْمَة ٍ
 
صعاليكُ إلا من قنا وصوارم
وكلِّ أضاة ٍ لا مغاصَ للهذمٍ
 
إذا طَلَعَتْ زُهْرُ النجوم العوائم
وكلّ عُقابٍ جانحٍ بقوادمٍ
 
مُعقٍ بطرف، سابحٍ بقوائم
كأنّ الرياحَ الهوجَ راضوا شدادها
 
أما ركبوها وهي لِينُ الشكائم
إذا ما انتضوا للحرب ما في غمودهم
 
رعوا بوجيع الضرب ما في العمائم
وتعجبُ منهم من فصاحة ألسنٍ
 
وما صَحبوا في القفرِ غيرَ البهائم
وخضرٍ خلاياهُنّ تجري كما ارتَمَتْ
 
بقاعِ سرابٍ مُجْفَلاتُ النّعائم
كأنّ جبالاً بالعواصف فوقها
 
مُسَيَّرَة ٌ من موجها المتلاطم
كأنَّ مغاصَ الدّرّ في قعرها بَدَتْ
 
فرائدهُ أو منثراً للدراهم
كأنّ على الأفلاك مسبحَ فلكها
 
إذا طلعتْ زُهرُ النجوك العوائم
إلى ابنِ تميم أسْنَدَتْ كلّ مَنْكِبٍ
 
إلى منكبِ الجوزاءِ غيرَ مزاحم
وجدنا جميع الأرض في أرضِ حمّة ٍ
 
وفي قَصْدِنا يحيى جميعَ المكارم
همامٌ صريحُ العزم سلّ سيوفَهُ
 
فذبّتْ ضراباً عن جذور المحارم
 
بأروعَ عن ثغرِ الرئاسة ِ باسم
تحلّ بنو الآمالِ منه بساحة ٍ
 
بها يَقِفُ الجبُّارُ وِقْفَة َ واجم
وتمشي بذي الإكبار جَبْهَة ُ ساجدٍ
 
إليهو فوق التراب أو فم لاثم
حمى مُلكهُ يحيى ولولاه ما احتمى
 
وهل يحتمي غيلٌ بغير ضبارِم
وحَكّمَ في الجودِ العُفاة َ، وهكذا
 
يُحَكّمُ أطرافَ الظّبا في الجماجم
تشيمُ به صبحاً من العدل مُشْرِقاً
 
إذا كنتَ في ليلٍ من الجور فاحم
ويجري لك المعروفُ من كفّ واهبٍ
 
إذا جَمَدَ المعروفُ من كفّ حارم
إذا رحلته همة ٌ أدْرَكَ العُلَى
 
وحطّ رحالَ العزّ فوقَ النعائم
ولا عَجَبٌ أن عَلّمَ الجودَ باخلاً:
 
يَضِلّ أخو جَهْلٍ، ويُهدى بعالم
يسوسُ الوَرَى من بين بَرٍّ وفاجرٍ
 
بلطفِ صفوحٍ منه، أو عفوِ ناقم
وتطوي سراياه السّرى وهبانهُ
 
فأيّ انتباهٍ للعيونِ النّوائم
ومن يُمض أمرَ المُلك بالبأس والندى
 
يَجُزْ حُكْمُهُ في الأرض طيبة حاتم
فما راحة ٌ ولا راحة ٌ للندى بها
 
ومالٌ عليه البذلُ ضَرْبَة َ لازم
له في مَكَرِّ قَسْوَة ُ قاهِرٍ
 
وعند مَجَرّ الذيل رأفَة ُ راحم
وَعِفّة ُ سيفٍ، ليس يبْرُقُ بالرّدى
 
إذا سلّهُ، إلاّ على رأس ظالم
يفضّ ختامَ الهامِ قطفاً عن الطلى
 
بيسرى إذ اليمنى قبيعة ُ صارم
نَمَتْهُ من الأملاكِ صيدٌ تَقَدّمَتْ
 
لهم قَدَمُ الإعظام عِند الأعاظم
بهاليلُ من حيٍّ لَقاحٍ سَمَوْا على
 
أعاربَ من أهلِ العُلى وأعاجم
مجالِسُهُمْ في الحرب والسلم لم تَزَلْ
 
دسوتَ المعالي أو سرُوجَ الصلادم
بنو الحرب تُخشى صولة ُ البأس منهم
 
وحربُ القنا في نافذات اللهاذم
لهم كلّ مولودٍ على فطرة ِ الوغى
 
تُرَاعُ به شبلاً أُسودُ الملاحم
وتحسبُهُ سيفاً على عاتِقِ العلى
 
ولا حلية ٌ إلا منوطُ التمائم
ولم يدرِ من قبلُ السيوفَ وإنّما
 
حكى القينُ فيها ما لهم من عزائم
فيا جاعلاً من عَفْوِهِ وانتقامِهِ
 
جنى النحل طعميه وسمْ الأراقم
لأذكيتَ نارَ العِزّ وهي التي بها
 
وَضَعْتَ سماتِ الذلّ فوْقَ المَخاطم
سيوفك أبقتْ في الأعادي أبدْتَهُمْ
 
مآتمَ أحزانٍ بغير مآثم
كأنَّ حروفَ اللينِ كانتْ رؤوسَهُمْ
 
فلاقَيْنِ حَذْفاً من وقوع الجوازم
وجيشك هنديّ الخوافي، بِهَزّهِ
 
جناحيْ عُقَابٍ، سمهريُّ القوادم
وزرق ذبابٍ في الثعالب أجدبتْ
 
وما انتجعتْ إلاّ نجيعَ الضراغم
فيا دولة ً قعساءَ درتْ فأرضعتْ
 
ثُديَ المنايا أو ثُديّ المكارم
حَلُمَتْ فما تُثْني على حلم أحنفٍ
 
وجدتَ فما تُصغي إلى جود حاتم
فهنّئْتَ عيدا يقتضي كلّ عودة ٍ
 
إليكَ، بعزٍّ ثابتِ الملكِ دائم