كتاب الأحكام الشرعية الكبرى/كتاب الإيمان/باب الكف على من أصلح علانيته ولا يفتش عن سريرته
باب الكف على من أصلح علانيته ولا يفتش عن سريرته عدل
مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا ليث.
وثنا ابن رمح - واللفظ متقارب - أنا الليث، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، عن المقداد بن الأسود أنه أخبره أنه قال: " يا رسول الله، أرأيت إن لقيت رجلا من الكفار فقاتلني فضرب إحدى يدي بالسيف، فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله. أفأقتله يا رسول الله بعد أن قالها ؟ قال رسول الله ﷺ: لا تقتله. فقلت: يا رسول الله، إنه قد قطع يدي، ثم قال ذلك بعد أن قطعها، أفأقتله ؟ قال رسول الله ﷺ: لا تقتله، فإن قتله فإنه بمنزلتك قبل أن تقلته، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ".
وحدثني إسحاق بن إبراهيم وعبد بن حميد، قالا: أنا عبد الرزاق، أنا معمر.
وثنا إسحاق بن موسى الأنصاري، ثنا الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي.
وثنا محمد بن رافع، ثنا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، جميعا عن الزهري بهذا الإسناد، أما الأوزاعي وابن جريح [ففي] حديثهما: ": " قال: أسلمت لله " كما قال الليث، وأما معمر ففي حديثه: " فلما أهويت لأقلته قا: لا إله إلا الله ".
مسلم: حدثنا أحمد بن الحسن بن خراش، ثنا عمرو بن عاصم، ثنا معتمر، سمعت أبي يحدث أن خالد الأثبج [ابن] أخي صفوان بن محرز، حدث عن صفوان بن محرز أنه [حدث] " أن جندب بن عبد الله البجلي بعث إلى عسعس بن سلامة زمن فتنة ابن الزبير، فقال: اجمع [لي] نفرا من إخوانك حتى أحدثهم، فبعث رسولا إليهم، فلما اجتمعوا جاء جندب وعليه برنس أصفر، فقال: تحدثوا بما كنتم تحدثون به. حتى دار الحديث إليه حسر البرنس عن رأسه، فقال: إني أتيتكم ولا أريد أن أخبركم إلا عن نبيكم ﷺ، إن رسول الله ﷺ بعث بعثا من المسلمين إلى قوم من المشركين، وأنهم التقوا، فكان رجل من المشركين إذا شاء أن يقصد إلى رجل من المسلمين قصد له فقتله، وإن رجلا من المسلمين قصد غفلته - قال: وكنا نحدث أنه أسامة بن زيد - فلما [رفع] عليه السيف قال: لا إله إلا الله. فقتله فجاء البشير إلى رسول الله ﷺ، فسأله، فأخبره حتى أخبره خبر الرجل كيف صنع، فدعاه فسأله، فقال: ولم قتلته ؟ قال: يا رسول الله، أوجع في المسلمين وقتل فلانا وفلانا - وسمى له نفرا - وإني حملت عليه، فلما رأى السيف قال: لا إله إلا الله. قال رسول الله ﷺ: قتلته ؟ قال: نعم. قال: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ قال: يا رسول الله، استغفر لي. قال: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ قال: يا رسول الله، استغفر لي. قال: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ قال: فجعل لا يزيده على أن يقول: كيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة ؟ ".
خالد الأثبج هو خالد بن باب الربعي الأجدث بصري، روى عنه أبو الأشهب وأبو نضرة وسليمان بن زيد وهشام بن حسان وغيرهم.
مسلم: حدثنا يعقوب الدورقي، حدثنا هشيم، أنا حصين، ثنا أبو ظبيان قال: سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث قال: " بعثنا رسول الله ﷺ إلى الحرقة من جهينة، فصبحنا القوم فهزمناهم. قال: ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلا منهم، فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. قال: فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ ذلك النبي ﷺ فقال لي: يا أسامة،، أقتلته بعدما قال: لا إله إلا الله ؟ قال: قلت: يا رسول الله، إنما كان متعوذا. قال: فقال: أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ؟ قال: فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني لم أكن اسلمت قبل ذلك اليوم ".
وقد تقدم في باب قبول ظواهر الناس في الشهادتين قوله عليه السلام لأسامة في هذا الحديث: " أفلا شققت على قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ".
مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا عبد الواحد، عن عمارة بن القعقاع، حدثنا عبد الرحمن بن أبي نعم، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: " بعث علي بن أبي طالب إلى رسول الله ﷺ من اليمن بذهبة في أديم مقروظ، لم تحصل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل، والرابع إما علقمة بن [علاثة] وإما (عامر) بن الطفيل، فقال: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء ؟ قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشر الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمر الإزار فقال: يا رسول الله، اتق الله. قال: ويلك، أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله ؟ قال: ثم ولى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه ؟ فقال: لا لعله أن يكون يصلي. قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال رسول الله ﷺ: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم. قال: ثم نظر إليه وهو مقف، فقلا: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية قال: أظنه قال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد "