كتاب الأم/الأيمان والنذور والكفارات في الأيمان/الخلاف في إجازة أقل من أربع من النساء
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: فقال بعض الناس تجوز شهادة امرأة وحدها كما يجوز في الخبر شهادة واحد عدل وليس من قبل الشهادات أجزتها، وإن كان من قبل الشهادات أجزتها لم أجز إلا ما ذكرت من أربع، أو شاهد وامرأتين فقيل لبعض من يقول هذا القول وأين الخبر من الشهادة؟ قال وأين يفترقان؟ قلت تقبل في الخبر كما قلت امرأة واحدة ورجلا واحدا وتقول فيه أخبرنا فلان عن فلان أفتقبل هذا في الشهادات؟ فقال لا قلت: والخبر هو ما استوى فيه المخبر، والمخبر، والعامة من حلال وحرام؟ قال نعم قلت والشهادة ما كان الشاهد منها خليا، والعامة وإنما تلزم المشهود عليه قال نعم قلت أفترى هذا يشبه هذا؟ قال أما في هذا فلا قلت أفرأيت لو قال لك قائل إذا قبلت في الخبر فلانا عن فلان، فاقبل في أن تخبرك امرأة عن امرأة أن امرأة رجل ولدت هذا الولد؟ قال ولا أقبل هذا حتى أقف التي شهدت، أو يشهد عليها من تجوز شهادته بأمر قاطع قلت وأنزلته منزلة الخبر؟ قال أما في هذا فلا قلت ففي أي شيء أنزلته منزلة الخبر؟ هل عدوت بهذا أن قلت هو بمنزلة الخبر ولم تقسه في شيء غير الأصل الذي قلت؟ فأسمعك إذا تضع الأصول لنفسك قال فمن أصحابك من قال لا يجوز أقل من شهادة امرأتين قلت له هل رأيتني أذكر لك قولا لا تقول به؟ قال لا قلت فكيف ذكرت لي ما لا أقول به؟ قال فإلى أي شيء ذهب من ذهب إلى ما ذهبنا إليه من أنه خبر لا شهادة ولا إلى ما ذهبت إليه من أن تقول به على معنى كتاب الله وما أعرف له متقدما يلزم قوله فقلت له أن تنتقل عن قولك الذي يلزمك فيه عندي أن تنتقل عنه أولى بك من ذكر قول غيرك فهذا أمر لم نكلفه نحن ولا أنت، ولولا عرضك بترفيع قولك وتخطئة من خالفك كنا شبيها أن ندع حكاية قولك قال فإن شهد على شيء من ذلك رجلان، أو رجل وامرأتان قلت أجيز الشهادة وتكون أوثق عندي من شهادة النساء لا رجل معهن قال وكيف لم تعدهم بالشهادة فساقا ولا تجيز شهادتهم؟ قلت الشهادة غير الفسق قال فادللني على ما وصفت قلت قال الله عز وجل: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم} (قال رسول الله ﷺ لسعد حين قال له أمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم) والشهود على الزنا نظروا من المرأة إلى محرم ومن الرجل إلى محرم فلو كان النظر لغير إقامة شهادة كان حراما فلما كان لإقامة شهادة لم يجز أن يأمر الله عز وجل، ثم رسول الله ﷺ إلا بمباح لا بمحرم فكل من نظر ليثبت شهادته لله، أو للناس فليس بجرح ومن نظر للتلذذ وغير شهادة عامدا كان جرحا إلا أن يعفو الله عنه.