كتاب الأم/جماع ما يجوز إقراره إذا كان ظاهرا/الإقرار بغصب الدار ثم ببيعها
[قال الشافعي]: رحمه الله وإذا قال الرجل غصبته هذه الدار وهذا العبد أو أي شيء كان من هذا كتب إقراره، وأشهد عليه وقد باعها قبل ذلك من رجل أو وهبها له أو تصدق بها عليه وقبضها أو وقفها عليه أو على غيره ففيها قولان. أحدهما: أن يقال لصاحب الدار إن كان لك بينة على ملك هذه الدار أو إقرار الغاصب قبل إخراجها من يده إلى من أخرجها إليه أخذ لك بها وإن لم يكن لك بينة لم يجز إقرار الغاصب في ذلك؛ لأنه لا يملكها يوم أقر فيها وقضينا المغصوب بقيمتها؛ لأنه يقر أنه استهلكها وهي ملك له وهكذا لو كان عبدا فأعتقه. وهكذا لو ادعى عليه رجلان أنه غصب دارا بعينها فأقر أنه غصبها من أحدهما وهو يملكها ثم أقر أنه غصبها منه وهو يملكها، وأن الأول لم يملكها قط قضى بالدار للأول؛ لأنه قد ملكها بإقراره وقيمتها للآخر بأنه قد أقر أنه قد أتلفها عليه. قال: وهكذا كل ما أقر أنه غصبه رجلا، ثم أقر أنه غصبه غيره. والقول الثاني: أنهما إذا كانا لا يدعيان أنه غصبهما إلا الدار أو الشيء الذي أقر به لهما فهو للأول منهما، ولا شيء للمقر له الآخر بحال على الغاصب؛ لأنهما يبرئانه من عين ما يقر به، ومن قال هذا قال أرأيت إن أقر أنه باع هذا هذه الدار بألف ثم أقر أنه باعها الآخر بألف والدار تسوى آلافا أتجعلها بيعا للأول وتجعل للآخر عليه قيمتها يحاصه بألف منها؛ لأنه أتلفها، أو أرأيت لو أعتق عبدا ثم أقر أنه باعه من رجل قبل العتق أتجعل للمشتري قيمته وينفذ العتق؟ أو رأيت لو باع عبدا ثم أقر أنه كان أعتقه قبل بيعه أينقض البيع أو يتم؟ إنما يكون للعبد عليه أن يقول له قد بعتني حرا فأعطني ثمني أرأيت لو مات فقال ورثته قد بعت أبانا حرا فأعطنا ثمنه أو زيادة ما يلزمك بأنك استهلكته أكان عليه أن يعطيهم شيئا أو يكون إنما أقر بشيء في ملك غيره فلا يجوز إقراره في ملك غيره، ولا يضمن بإقراره شيئا؟