كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب إعادة المكتوبة مع الإمام
سألت الشافعي عن الرجل يصلي في بيته ثم يدرك الصلاة مع الإمام قال: يصلي معه.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم: (عن رجل من بني الديل يقال له بسر بن محجن عن أبيه أنه كان في مجلس مع رسول الله ﷺ فأذن بالصلاة فقام رسول الله فصلى ومحجن في مجلسه فقال له رسول الله ﷺ: ما منعك أن تصلي مع الناس؟ ألست برجل مسلم؟ قال: بلى يا رسول الله ولكني قد صليت في أهلي فقال رسول الله ﷺ: إذا جئت فصل مع الناس، وإن كنت قد صليت).
[قال الشافعي]: وأخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: من صلى المغرب أو الصبح ثم أدركهما مع الإمام فلا يعدهما، فقلت للشافعي: فإنا نقول: يعيد كل صلاة إلا المغرب فإنه إذا أعاد لها صارت شفعا.
[قال الشافعي]: وقد رويتم الحديث عن النبي ﷺ لم يخص فيه صلاة دون صلاة فلم يحتمل الحديث إلا وجهين: أحدهما وهو أظهرهما أن يعيد كل صلاة بطاعة النبي ﷺ وسعة الله أن يوفيه أجر الجماعة والانفراد وقد روى مالك عن ابن عمر وابن المسيب أنهما أمرا من صلى في بيته أن يعود لصلاته مع الإمام وقال السائل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال: أو ذلك إليك؟ إنما ذلك إلى الله وروي عن أبي أيوب الأنصاري أنه أمر بذلك وقال: من فعل ذلك فله سهم جمع أو مثل سهم جمع وإنما قلنا بهذا لما وصفنا من أن حديث النبي ﷺ جملة، وأنه بلغنا أن الصلاة التي أمر النبي ﷺ الرجلين أن يعودا لها صلاة الصبح أو يقول رجل: إن أدرك العصر أو الصبح لم يعد لهما؛ لأنه لا نافلة بعد واحدة منهما فهكذا قال بعض المشرقيين وأما ما قلتم فخلاف حديث النبي ﷺ من الوجهين، وخلاف ابن عمر وابن المسيب وأين العمل؟ وقولكم إذا أعاد المغرب صارت شفعا فكيف تصير شفعا وقد فصل بينهما بسلام أترى العصر حين صليت بعدها المغرب شفعا أو العصر وترا أو ترى كذلك العشاء إذا صليت بعد المغرب أو ترى ركعتين بعد أو قبل المغرب تصيران وترا بأن المغرب قبلهما أو بعدهما أم كل صلاة فصلت بسلام مفارقة للصلاة قبلها وبعدها؟ ولو كنتم قلتم يعود للمغرب ويشفعها بركعة فيكون تطوع بأربع كان مذهبا فأما ما قلتم فليس له وجه.