كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره

كتاب الأم المؤلف الشافعي
باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره



باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره


سألت الشافعي عن الكلب يلغ في الإناء في الماء لا يكون فيه قلتان أو اللبن أو المرق قال: يهراق الماء واللبن والمرق ولا ينتفعون به ويغسل الإناء سبع مرات وما مس ذلك الماء واللبن من ثوب وجب غسله لأنه نجس فقلت وما الحجة في ذلك؟ فقال: أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات).

[قال الشافعي]: فكان بينا في سنة رسول الله إذا كان الكلب يشرب الماء في الإناء فينجس الإناء حتى يجب غسله سبعا أنه إنما ينجس بمماسة الماء إياه فكان الماء أولى بالنجاسة من الإناء الذي إنما نجس بمماسته، وكان الماء الذي هو طهور إذا نجس فاللبن والمرق الذي ليس بطهور أولى أن ينجس بما نجس الماء فقلت للشافعي: فإنا نزعم أن الكلب إذا شرب في الإناء فيه اللبن بالبادية شرب اللبن وغسل الإناء سبعا لأن الكلاب لم تزل بالبادية ف[قال الشافعي]: هذا الكلام المحال أيعدو الكلب أن يكون ينجس ما يشرب منه ولا يحل شرب النجس ولا أكله أو لا ينجسه فلا يغسل الإناء منه ولا يكون بالبادية فرض من النجاسة إلا وبالقرية مثله، وهذا خلاف السنة والقياس والمعقول والعلة الضعيفة وأرى قولكم: لم تزل الكلاب بالبادية حجة عليكم فإذا سن رسول الله أن يغسل الإناء من شرب الكلب سبعا والكلاب في البادية في زمانه وقبله وبعده إلى اليوم فهل زعمتم عن النبي أن ذلك على أهل القرية دون أهل البادية أو أهل البادية دون أهل القرية؟ أو زعم لكم ذلك أحد من أئمة المسلمين أو فرق الله بين ما ينجس بالبادية والقرية؟ أورأيت أهل البادية هل زعموا لكم أنهم يلقون ألبانهم للكلاب ما تكون الكلاب مع أهل البادية إلا ليلا لأنها تسرح مع مواشيهم ولهم أشح على ألبانهم وأشد لها إبقاء من أن يخلوا بينها وبين الكلاب، وهل قال لكم أحد من أهل البادية ليس يتنجس بالكلب وهم أشد تحفظا من غيرهم أو مثلهم أو لو قاله لكم منهم قائل أيؤخذ الفقه من أهل البادية وإن اعتللتم بأن الكلاب مع أهل البادية؟ أفرأيتم إن اعتل عليكم مثلكم من أهل الغباوة بأن يقول: الفأر والوزغان واللحكاء والدواب لأهل القرية ألزم من الكلاب لأهل البادية، وأهل القرية أقل امتناعا من الفأر ودواب البيوت من أهل البادية من الكلاب فإذا ماتت فأرة أو دابة في ماء رجل قليل أو زيته أو لبنه أو مرقه لم تنجسه هل الحجة عليه إلا أن يقال الذي ينجس في الحال التي ينجس فيها ينجس ما وقع فيه كان كثيرا بقرية أو بادية أو قليلا فكذلك الكلاب بالبادية والفأر والدواب بالقرية أولى أن لا تنجس إن كان فيما ذكرتم حجة وما علمت أحدا روى عنه من أصحاب رسول الله ولا التابعين أنه قال فيه إلا بمثل قولنا إلا أن من أهل زماننا من قال: يغسل الإناء من الكلب مرة واحدة وكلهم قال ينجس جميع ما يشرب منه الكلب من ماء ولبن ومرق وغيره.

[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: إن ممن تكلم في العلم من يختال فيه فيشبه والذي رأيتكم تختالونه لا شبهة فيه ولا مؤنة على من سمعه في أنه خطأ إنما يكفي سامع قولكم أن يسمعه فيعلم أنه خطأ لا ينكشف يتكلف ولا بقياس يأتي به فإن ذهبتم إلى النبي أمر إذا ماتت الفأرة في السمن الجامد أن تطرح وما حولها فدل ذلك على نجاستها فقد أخبر أن النجاسة تكون من الفأرة وهي في البيوت، وإنما قال في الفأرة قولا عاما وفي الكلب قولا عاما فإن ذهبتم إلى أن الفأرة تنجس على أهل القرية ولا تنجس على أهل البادية فقد سويتم بين قوليكم وزدتم في الخطأ وإن قلتم إن ما لم يسم من الدواب غير الفأرة والكلب لا ينجس فاجعل الوزغ لا ينجس؛ لأنه لم يذكر فإما أن تقولوا الوزغ ينجس ولا خير فيه قياسا وتزعمون أن الكلب ينجس مرة ولا ينجس أخرى فلا يجوز هذا القول.

كتاب الأم - كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما
كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما | باب ما جاء في الصدقات | باب في بيع الثمار | باب في الأقضية | كتاب العتق | باب صلاة الإمام إذا كان مريضا بالمأمومين جالسا وصلاتهم خلفه قياما | باب رفع اليدين في الصلاة | باب الجهر بآمين | باب سجود القرآن | باب الصلاة في الكعبة | باب ما جاء في الوتر بركعة واحدة | باب القراءة في العيدين والجمعة | باب الجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء | باب إعادة المكتوبة مع الإمام | باب القراءة في المغرب | باب القراءة في الركعتين الأخيرتين | باب المستحاضة | باب الكلب يلغ في الإناء أو غيره | باب ما جاء في الجنائز | باب الصلاة على الميت في المسجد | باب في فوت الحج | باب الحجامة للمحرم | باب ما يقتل المحرم من الدواب | باب الشركة في البدنة | باب التمتع في الحج | باب الطيب للمحرم | باب في العمرى | باب ما جاء في العقيقة | باب في الحربي يسلم | باب في أهل دار الحرب | باب البيوع | باب متى يجب البيع | باب بيع البرنامج | باب بيع الثمر | باب ما جاء في ثمن الكلب | باب الزكاة | باب النكاح بولي | باب ما جاء في الصداق | باب في الرضاع | باب ما جاء في الولاء | باب الإفطار في شهر رمضان | باب في اللقطة | باب المسح على الخفين | باب ما جاء في الجهاد | باب ما جاء في الرقية | باب في الجهاد | باب فيمن أحيا أرضا مواتا | باب في الأمة تغر بنفسها | باب القضاء في المنبوذ | باب القضاء في الهبات | باب في إرخاء الستور | باب في القسامة والعقل | باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع | باب في النكاح | باب ما جاء في المتعة | باب في المفقود | باب في الزكاة | باب في الصلاة | باب في قتل الدواب التي لا جزاء فيها في الحج | باب ما جاء في الصيد | باب الأمان لأهل دار الحرب | باب ما روى مالك عن عثمان بن عفان وخالفه في تخمير المحرم وجهه | باب ما جاء في خلاف عائشة في لغو اليمين | باب في بيع المدبر | باب ما جاء في لبس الخز | باب خلاف ابن عباس في البيوع | باب | باب خلاف زيد بن ثابت في الطلاق | باب في عين الأعور | باب خلاف عمر بن عبد العزيز في عشور أهل الذمة | باب خلاف سعيد وأبي بكر في الإيلاء | باب في سجود القرآن | باب غسل الجنابة | باب في الرعاف | باب الغسل بفضل الجنب والحائض | باب التيمم | باب الوتر | باب الصلاة بمنى والنافلة في السفر | باب القنوت | باب الصلاة قبل الفطر وبعده | باب نوم الجالس والمضطجع | باب إسراع المشي إلى الصلاة | باب رفع الأيدي في التكبير | باب وضع الأيدي في السجود | باب من الصيام | باب في الحج | باب الإهلال من دون الميقات | باب في الغدو من منى إلى عرفة | باب قطع التلبية | باب النكاح | باب التمليك | باب المتعة | باب الخلية والبرية | باب في بيع الحيوان | باب الكفارات | باب زكاة الفطر | باب في قطع العبد