كتاب الأم/كتاب اختلاف مالك والشافعي رضي الله عنهما/باب خلاف زيد بن ثابت في الطلاق
سألت الشافعي عن الرجل يملك امرأته أمرها فتطلق نفسها ثلاثا فقال: القول قول الزوج فإن قال إنما ملكتها أمرها في واحدة لا في ثلاث كان القول قوله وهي واحدة وهو أحق بها فقلت له ما الحجة في ذلك؟ قال أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه أخبره أنه كان جالسا عند زيد بن ثابت فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد: ما شأنك؟ فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال: له زيد ارتجعها إن شئت فإنما هي واحدة وأنت أحق بها فقلت للشافعي: فإنا نقول هي ثلاث إلا أن يناكرها وروي شبيها بذلك عن ابن عمر ومروان بن الحكم.
[قال الشافعي]: ما أراكم تبالون من خالفتم فإن ذهبتم إلى قول ابن عمر ومروان دون قول زيد فبأي وجه ذهبتم إليه فهل يعدو المملك امرأته أمرها إذا طلقت نفسها ثلاثا أن يكون أصل التمليك إخراج جميع ما في يده من طلاقها إليها فإذا طلقت نفسها لزمه ولم تنفعه مناكرتها أو لا يكون إخراج جميعه فيكون محتملا لإخراج الجميع والبعض فيكون القول قوله فيه وإذا كان القول قول الزوج فلو ملكها واحدة فطلقت نفسها ثلاثا لم يكن لها أن تطلق إلا واحدة وأسمعكم إذا اخترتم - والله يغفر لنا ولكم - لا تعرفون كيف موضع الاختيار وما موضع المناكرة فيه إلا ما وصفت. والله أعلم.