كتاب الأم/كتاب الجزية/ذكر ما أخذ عمر رضي الله تعالى عنه من أهل الذمة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر. أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال كنت عاملا مع عبد الله بن عتبة على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكان يأخذ من النبط العشر.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: لعل السائب حكى أمر عمر أن يأخذ من النبط العشر في القطنية كما حكى سالم عن أبيه عن عمر فلا يكونان مختلفين أو يكون السائب حكى العشر في وقت فيكون أخذ منهم مرة في الحنطة والزيت عشرا ومرة نصف العشر ولعله كله بصلح يحدثه في وقت برضاه ورضاهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: لست أحسب عمر أخذ ما أخذ من النبط إلا عن شرط بينه وبينهم كشرط الجزية وكذلك أحسب عمر بن عبد العزيز أمر بالأخذ منهم ولا يأخذ من أهل الذمة شيئا إلا عن صلح ولا يتركون يدخلون الحجاز إلا بصلح ويحدد الإمام فيما بينه وبينهم في تجاراتهم وجميع ما شرط عليهم أمرا يبين لهم وللعامة ليأخذهم به الولاة غيره، ولا يترك أهل الحرب يدخلون بلاد المسلمين تجارا فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا وإن دخلوا بأمان وشرط أن يأخذ منهم عشرا أو أكثر أو أقل أخذ منهم فإن دخلوا بلا أمان ولا شرط ردوا إلى مأمنهم ولم يتركوا يمضون في بلاد الإسلام ولا يؤخذ منهم شيء وقد عقد لهم الأمان إلا عن طيب أنفسهم وإن عقد لهم الأمان على دمائهم لم يؤخذ من أموالهم شيء إن دخلوا بأموال إلا بشرط على أموالهم أو طيب أنفسهم.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وسواء كان أهل الحرب بين قوم يعشرون المسلمين إن دخلوا بلادهم أو يخمسونهم لا يعرضون لهم في أخذ شيء من أموالهم إلا عن طيب أنفسهم أو صلح يتقدم منهم أو يؤخذ غنيمة أو فيئا إن لم يكن لهم ما يأمنون به على أموالهم لأن الله عز وجل أذن بأخذ أموالهم غنيمة وفيئا وكذلك الجزية فيما أعطوها أيضا طائعين وحرم أموالهم بعقد الأمان لهم ولا يؤخذ إذا أمنوا إلا بطيب أنفسهم بالشرط فيما يختلفون به وغيره فيحل به أموالهم.