كتاب الأم/كتاب الجزية/مبتدأ التنزيل والفرض على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم على الناس
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ويقال والله تعالى أعلم إن أول ما أنزل الله عز وجل على رسوله ﷺ {اقرأ باسم ربك الذي خلق}.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: لما بعث الله تعالى محمدا ﷺ أنزل عليه فرائضه كما شاء لا معقب لحكمه ثم أتبع كل واحد منها فرضا بعد فرض في حين غير حين الفرض قبله.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: ويقال والله تعالى أعلم إن أول ما أنزل الله عليه {اقرأ باسم ربك الذي خلق} ثم أنزل عليه بعدها ما لم يؤمر فيه بأن يدعو إليه المشركين فمرت لذلك مدة. ثم يقال أتاه جبريل عليه السلام عن الله عز وجل بأن يعلمهم نزول الوحي عليه ويدعوهم إلى الإيمان به فكبر ذلك عليه وخاف التكذيب وأن يتناول فنزل عليه {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} فقال يعصمك من قتلهم أن يقتلوك حين تبلغ ما أنزل إليك فلما أمر به فاستهزأ به قوم فنزل عليه {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين}.
[قال الشافعي]: وأعلمه من علمه منهم أنه لا يؤمن به فقال {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا أو تكون لك جنة من نخيل وعنب فتفجر الأنهار خلالها تفجيرا} قرأ الربيع إلى {بشرا رسولا}.
[قال الشافعي]: وأنزل الله عز وجل فيما يثبته به إذا ضاق من أذاهم {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك} إلى آخر السورة. ففرض عليه إبلاغهم وعبادته، ولم يفرض عليه قتالهم وأبان ذلك في غير آية من كتابه، ولم يأمره بعزلتهم وأنزل عليه {قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون} وقوله {فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم} قرأ الربيع الآية: وقوله {ما على الرسول إلا البلاغ} مع أشياء ذكرت في القرآن في غير موضع في مثل هذا المعنى وأمرهم الله عز وجل بأن لا يسبوا أندادهم فقال عز وجل: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم} الآية مع ما يشبهها.
[قال الشافعي]: ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد هذا في الحال التي فرض فيها عزلة المشركين فقال {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} مما فرض عليه فقال {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها} قرأ الربيع إلى {إنكم إذا مثلهم}.