كتاب الأم/كتاب الحكم في قتال المشركين ومسألة مال الحربي/ما يجوز للأسير في ماله إذا أراد الوصية
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: يجوز للأسير في بلاد العدو ما صنع في ماله في بلاد الإسلام وإن قدم ليقتل ما لم ينله منه ضرب يكون مرضا وكذلك الرجل بين الصفين.
[قال الشافعي]: أخبرنا بعض أهل المدينة عن محمد بن عبد الله عن الزهري أن مسروقا قدم بين يدي عبد الله بن زمعة يوم الحرة ليضرب عنقه فطلق امرأته ولم يدخل بها فسألوا أهل العلم فقالوا: لها نصف الصداق ولا ميراث لها.
[قال الشافعي]: أخبرنا بعض أهل العلم عن هشام بن عروة عن أبيه أن عامة صدقات الزبير تصدق بها وفعل أمورا وهو واقف على ظهر فرسه يوم الجمل وروي عن عمر بن عبد العزيز: عطية الحبلى جائزة حتى تجلس بين القوابل وبهذا كله نقول.
[قال الشافعي]: وعطية راكب البحر جائزة ما لم يصل إلى الغرق أو شبه الغرق.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وقال القاسم بن محمد وابن المسيب: عطية الحامل جائزة.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وما وصفت من قول من سميت وغيرهم من أهل المدينة وقد روي عن ابن أبي ذئب أنه قال: عطية الحامل من الثلث وعطية الأسير من الثلث وروى ذلك عن الزهري.
[قال الشافعي]: وليس يجوز إلا واحد من هذين القولين والله تعالى أعلم ثم قال قائل في الحبلى عطيتها جائزة حتى تتم ستة أشهر وتأول قول الله عز وجل: {حملا خفيفا فمرت به فلما أثقلت} وليس في قول الله عز وجل: {فلما أثقلت} دلالة على مرض ولو كانت فيه دلالة على مرض يغير الحكم قد يكون مرضا غير ثقيل وثقيلا وحكمه في أن لا يجوز له في ماله إلا الثلث سواء ولو كان ذلك فيه كان الإثقال يحتمل أن يكون حضور الولاد حين تجلس بين القوابل لأن ذلك الوقت الذي يخشيان فيه قضاء الله عز وجل ويسألانه أن يؤتيهما صالحا فإن قال: قد يدعوان الله قبل؟ قيل: نعم مع أول الحمل ووسطه وآخره وقبله والحبلى في أول حملها أشبه بالمرض منها بعد ستة أشهر للتغير والكسل والنوم والضعف ولهي في شهرها أخف منها في شهر البدء من حملها وما في هذا إلا أن الحبل سرور ليس بمرض حتى تحضر الحال المخوفة للأولاد أو يكون تغيرها بالحبل مرضا كله من أوله إلى آخر فيكون ما قال ابن أبي ذئب، فأما غير هذا لا يجوز والله تعالى أعلم لأحد أن يتوهمه.