كتاب الأم/كتاب الرد على محمد بن الحسن/باب في الأعور يفقأ عين الصحيح

كتاب الأم المؤلف الشافعي
باب في الأعور يفقأ عين الصحيح



باب في الأعور يفقأ عين الصحيح


قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى في الأعور يفقأ عين الصحيح وفقء الصحيحة من عينيه إن كان عمدا فللصحيح القود لا شيء له غير ذلك وإن كان خطأ فإن على ما قلته نصف الدية وليس له غير ذلك وقال أهل المدينة في الأعور يفقأ عين الصحيح إن أحب أن يستقيد فله القود وإن أحب فله الدية ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم. وقال أبو حنيفة في عين الأعور الصحيحة إذا فقئت إن كان عمدا ففيها القود وإن كان خطأ فعلى عاقلة التي فقأها نصف الدية وهي وعين الصحيح سواء وقال أهل المدينة في عين الأعور إذا فقئت الدية كاملة وقال محمد بن الحسن فكيف صارت عين الأعور أفضل من عين الصحيح؟ هذا عقل أوجبه رسول الله في العينين جميعا فجعل في كل عين نصف الدية، فإن فقئت عين رجل فغرم الفاقئ نصف الدية، ثم إن رجلا آخر عدا على العين الأخرى ففقأها خطأ لم يجب على الفاقئ الثاني الدية كاملة فيكون الرجل قد أخذ في عينيه دية ونصفا وإنما أوجب فيهما دية ففي الأولى نصف الدية، وكذا في الثانية نصف الدية وليس يتحول ذلك بفقء الأولى ولا تزاد إحداهما في عقلها على الذي أوجبه الله عز وجل شيئا يفقأ الأخرى ينبغي لمن قال هذا في العينين أن يقول ذلك في اليدين وأن يقوله في الرجلين ليس هذا بشيء والأمر فيه على الأمر الأول ليس يزداد شيئا لعين فقئت ولا غير ذلك.

[قال الشافعي]: في الأعور يفقأ عين الصحيح والصحيح يفقأ عين الأعور كلاهما سواء إن كان الفقء عمدا فالمفقوءة عينه بالخيار إن شاء فله القود وإن كان خطأ فله العقل خمسون من الإبل على العاقلة في سنتين ثلثاها في مضي سنة وثلثها في مضي السنة الثانية، فإن قال قائل ما الحجة في هذا؟ قيل السنة، فإن قال وأين السنة؟ قلنا إذ قال رسول الله : (وفي العين خمسون)، فإن أصاب الصحيح عين الأعور أصاب عينا أو عينين، فإن قال عينا قلنا فإنما جعل رسول الله في العين خمسين فمن جعل فيها أكثر من الخمسين فقد خالف رسول الله فإن قال فهل من حجة أكثر من هذا قلنا لا أكثر من السنة هي الغاية وما دونها تبع لها، فإن قال ففيها زيادة؟ قيل نعم موجود في السنة إذا كان في العين خمسون وفي العينين مائة فإذا كانتا إذا فقئتا معا كانت فيهما مائة فما بالهما إذا فقئتا معا يكون في كل واحدة منهما خمسون وإذا فقئت إحداهما بعد ذهاب الأخرى كانت فيها مائة أزاد تفرق الجناية في عقلها أو خالف تفريق الجناية بينهما أورأيت لو أن رجلا أقطع اليد والرجلين قطعت يده الباقية أليس إن جعلنا فيه خمسين فقد جعلناها في جميع ما في بطشه ووافقنا السنة ولم نزد على الجاني غير جنايته وإن جعلنا فيها مائة من الإبل كنا قد جعلنا عليه ما لم يجن وخالفنا ما روي عن النبي في اليد. والله سبحانه أعلم.

كتاب الأم - كتاب الرد على محمد بن الحسن
كتاب الرد على محمد بن الحسن | باب الديات | القصاص بين العبيد والأحرار | الرجلان يقتلان الرجل أحدهما ممن يجب عليه القصاص | في عقل المرأة | باب في الجنين | باب الجروح في الجسد | باب في الأعور يفقأ عين الصحيح | باب ما لا يجب فيه أرش معلوم | باب دية الأضراس | باب جراح العبد | باب القصاص بين المماليك | باب دية أهل الذمة | باب العقل على الرجل خاصة | باب الحر إذا جنى على العبد | باب ميراث القاتل | باب القصاص في القتل | باب قتل الغيلة وغيرها وعفو الأولياء | باب الرجل يمسك الرجل للرجل حتى يقتله | باب القود بين الرجال والنساء | باب القصاص في كسر اليد والرجل