كتاب الأم/كتاب الرهن الكبير/إذن الرجل للرجل في أن يرهن عنه ما للآذن
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أذن الرجل للرجل أن يرهن عنه عبدا للآذن فإن لم يسم بكم يرهنه أو سمى شيئا يرهنه فرهنه بغيره، وإن كان أقل قيمة منه لم يجز الرهن، ولا يجوز حتى يسمي مالك العبد ما يرهنه به ويرهنه الراهن بما سمى أو بأقل منه مما أذن له به كأن أذن له أن يرهنه بمائة دينار فرهنه بخمسين؛ لأنه قد أذن له بالخمسين وأكثر، ولو رهنه بمائة دينار ودينار لم يجز من الرهن شيء. وكذلك لو أبطل المرتهن حقه من الرهن فيما زاد على المائة لم يجز. وكذلك لو أذن له أن يرهنه بمائة دينار فرهنه بمائة درهم لم يجز الرهن كما لو أمره أن يبيعه بمائة درهم فباعه بمائة دينار أو بمائة شاة لم يجز البيع للخلاف. ولو قال المرتهن: قد أذنت له أن يرهنه فرهنه بمائة دينار. وقال مالك العبد ما أذنت له أن يرهنه إلا بخمسين دينارا أو مائة درهم كان القول قول رب العبد مع يمينه والرهن مفسوخ. ولو أذن له أن يرهنه بمائة دينار فرهنه بها إلى أجل، وقال مالك العبد: لم آذن له إلا على أن يرهنه بها نقدا كان القول قول مالك العبد مع يمينه والرهن مفسوخ. وكذلك لو قال: أذنت له أن يرهنه إلى شهر فرهنه إلى شهر ويوم كان القول قوله مع يمينه والرهن مفسوخ. ولو قال: ارهنه بما شئت فرهنه بقيمته أو أقل أو أكثر كان الرهن مفسوخا؛ لأن الرهن بالضمان أشبه منه بالبيوع؛ لأنه أذن له أن يجعله مضمونا في عنق عبده فلا يجوز أن يضمن عن غيره إلا ما علم قبل ضمانه، ولو قال: ارهنه بمائة دينار فرهنه بها إلى سنة فقال أردت أن يرهنه نقدا كان الرهن مفسوخا؛ لأن له أن يأخذه إذا كان الحق في الرهن نقدا بافتداء الرهن مكانه. وكذلك لو رهنه بالمائة نقدا فقال: أذنت له أن يرهنه بالمائة إلى وقت يسميه كان القول قوله، والرهن مفسوخ؛ لأنه قد يؤدي المائة على الرهن بعد سنة فيكون أيسر عليه من أن تكون حالة، ولا يجوز إذن الرجل للرجل بأن يرهن عبده حتى يسمي ما يرهنه به والأجل فيما يرهنه به. وهكذا لو قال رجل لرجل ما كان لك على فلان من حق فقد رهنتك به عبدي هذا أو داري فالرهن مفسوخ حتى يكون علم ما كان له على فلان، والقول قوله أبدا وكل ما جعلت القول فيه قوله فعليه اليمين فيه، ولو علم ماله على فلان فقال لك أي مالي شئت رهن وسلطه على قبض ما شاء منه فقبضه كان الرهن مفسوخا حتى يكون معلوما، ومقبوضا بعد العلم لا أن يكون الخيار إلى المرتهن. وكذلك لو قال: الراهن قد رهنتك أي مالي شئت فقبضه ألا ترى أن الراهن لو قال: أردت أن أرهنك داري، وقال المرتهن: أردت أن أرتهن عبدك أو قال الراهن: اخترت أن أرهنك عبدي، وقال المرتهن: اخترت أن ترهنني دارك لم يكن الرهن وقع على شيء يعرفانه معا، ولو قال: أردت أن أرهنك داري فقال المرتهن: فأنا أقبل ما أردت لم تكن الدار رهنا حتى يجدد له بعد ما يعلمانها معا فيها رهنا ويقبضه إياه. وإذا أذن له أن يرهن عبده بشيء مسمى فلم يقبضه المرتهن حتى رجع الراهن في الرهن لم يجز له أن يقبضه إياه، وإن فعل فالرهن مفسوخ.
[قال الشافعي]: ولو أذن له فأقبضه إياه ثم أراد فسخ الرهن لم يكن ذلك له، وإن أراد الآذن أخذ الراهن بافتكاكه فإن كان الحق حالا كان له أن يقوم بذلك عليه ويبيع في ماله حتى يوفي الغريم حقه، وإن لم يرد ذلك الغريم أن يسلم ما عنده من الرهن، وإن كان أذن له أن يرهنه إلى أجل لم يكن له أن يقوم عليه إلى محل الأجل فإذا حل الأجل فذلك له كما كان في الحال الأول.