كتاب الأم/كتاب اللعان/ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفي الولد وحد المرأة
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي]: فإذا أكمل الزوج الشهادة والالتعان فقد زال فراش امرأته ولا تحل له أبدا بحال وإن أكذب نفسه لم تعد إليه التعنت أو لم تلتعن حدت أو لم تحد قال وإنما قلت هذا لأن رسول الله ﷺ قال (الولد للفراش) وكانت فراشا فلم يجز أن ينفى الولد عن الفراش إلا بأن يزول الفراش فلا يكون فراش أبدا وقد أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله ﷺ فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة).
[قال الشافعي]: رحمه الله عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله ﷺ فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة).
[قال الشافعي]: رحمه الله وكان معقولا في حكم رسول الله ﷺ إذا ألحق الولد بأمه أنه نفاه عن أبيه وأن نفيه عن أبيه بيمينه والتعانه لا بيمين أمه على كذبه بنفيه ومعقول في إجماع الناس أن الزوج إذا أكذب نفسه ألحق به الولد وجلد الحد لأن لا معنى للمرأة في نفيه وأن المعنى للزوج بما وصفت من نفيه وكيف يكون لها معنى في يمين الزوج ونفي الولد وإلحاقه والولد بكل حال ولدها لا ينفى عنها إنما عنه ينفى وإليها ينسب إذا نسب.
[قال الشافعي]: فإذا أكمل الزوج اللعان فقد بانت منه امرأته لأنه لا يزول النسب إلا بزوال الفراش ولو مات أو ماتت امرأته بعد كمال التعانه لم يتوارثا لأن الفرقة وقعت بالذي وقع به نفي الولد قال ولو قالت لا ألتعن أو أقذف بالزنا أو خرست أو ماتت فسواء الولد منفي والفرقة واقعة قال ولو حلف الأيمان كلها وبقي الالتعان أو حلف ثلاثة أيمان والتعن أو نقص من الأيمان أو الالتعان شيئا كانا بحالهما أيهما مات ورثه صاحبه والولد غير منفي حتى يكمل الالتعان، قال وسواء إذا لم يتم اللعان كله في أن لا فرقة ولا نفي ولد لو جن أو عته أو غاب أو أكذب نفسه، قال وإن حلف اثنتين أو ثلاثا ثم هرب فالنكاح بحاله حتى يقدر عليه فيلتعن وكذلك لو عته أو خرس أو برسم أو أصابه ما لا يقدر معه على الكلام أو ما يذهب عقله فالنكاح بحاله فمتى قدر عليه أو ثاب إليه عقله التعن فإن قال هو لا ألتعن وطلبت أن يحد لها حد وهو زوجها والولد ولده وإن لم تطلب أن يحد لها فطلب ذلك رجل قذفها بزناه بها كان ذلك له وحد له وإن ماتت وطلب ذلك ورثتها ولم تكن عفت حدها كان ذلك لهم، وكذلك لو مات المقذوف بها وطلب ذلك ورثته كان ذلك لهم فإن طلبته أو ورثتها فحد لها ثم طلبه الذي قذفها به لم يحد له لأنه قذف واحد ولو قالت المرأة قبل أن يتم الزوج اللعان أنا ألتعن لم يكن ذلك عليها ولو أخطأ الإمام فأمرها فالتعنت لم يكن ذلك شيء يدرأ به عن نفسها حد ولا يجب به حكم ومتى التعن الزوج فعليها أن تلتعن فإن أبت حدت وإن كانت حين التعن الزوج حائضا فسأل الزوج أن تؤخر حتى تدخل المسجد لم يكن ذلك عليها وأحلفت بباب المسجد فإن كانت مريضة لا تقدر على الخروج أحلفت في بيتها، قال وإن امتنعت من اليمين وهي مريضة فكانت ثيبا رجمت وكذلك إن كان في يوم بارد أو ساعة صائفة لأن القتل يأتي عليها وإن كانت بكرا لم تحد حتى تصح وينقص البرد والحر ثم تحد وإنما قلت تحد إذا التعن الزوج لقول الله تعالى {ويدرأ عنها العذاب} الآية.
[قال الشافعي]: والعذاب الحد فكان عليها أن تحد إذا التعن الزوج ولم تدرأ عن نفسها بالالتعان، قال ولو غابت أو عتهت أو غلبت على عقلها فإذا حضرت وثاب إليها عقلها التعنت فإن لم تفعل حدت وإن لم يثب إليها عقلها فلا حد ولا التعان لأنها ليست ممن عليها الحدود، ولو قال الزوج لا ألتعن وأمر بأن يقام عليه الحد فضرب بالسياط فلم يتمه حتى قال أنا ألتعن قبلنا ذلك منه ولا شيء له فيما ناله من الحد ولو أتى على نفسه كما يقذف المرأة فيقال ائت ببينة فيقول لا آتي بها فيضرب بعض الحد ثم يقول أنا آتي بهم فيكون ذلك له ولو قيل للمرأة التعني فأبت فأمر بها يقام عليها الحد فأصابها بعضه ثم قالت أنا ألتعن تركت حتى تلتعن بهذا المعنى ولو قذف الرجل امرأته ونفى ولدها ثم خرس أو ذهب عقله فمات الولد قبل أن يفيق فأخذ له ميراثه منه ثم أفاق الزوج فالتعن ونفى الولد عنه رد الميراث ولو قذف امرأته بولد فصدقته لم يكن عليه حد ولا لعان لها ولا ينفى الولد وإن صدقته حتى يلتعن الزوج فينفى عنه بالتعانه.
[قال الشافعي]: الولد للفراش والأصل أن ولد الزوجة للزوج بغير اعتراف مات الزوج أو عاش ما لم ينفه أو يلاعن ولازم للمعتوه ولا احتياج إلى دعوة ولد الزوجة، قال ولا ينفى الولد عن الزوج إلا في مثل الحال التي نفى فيها رسول الله ﷺ وذلك (أن العجلاني قذف امرأته وأنكر حملها فأتى رسول الله ﷺ فلاعن بينهما ونفى الولد عنه) قال وأظهر العجلاني قذفها عند استبانة حملها وإذا علم الزوج بالولد وأمكنه الحاكم فأتى الحاكم فنفاه لاعن بينهما وإن علم وأمكنه الحاكم فترك ذلك وقد أمكنه إمكانا بينا ثم نفاه لم يكن ذلك له كما يكون أصل بيع الشقص صحيحا فيكون للشفيع أخذه إذا أمكنه فإن ترك ذلك في تلك المدة لم تكن له شفعة وهكذا كل من له شيء في مدة دون غيرها فمضت لم يكن له ولو جحد بأن يكون يعلم بالولد فيكون له نفيه حتى يقر به جاز بعد أن يكون الولد شيخا وهو يختلف معه اختلاف ولده. قال وإمكان الانتقاء من الولد أن يعلم به ويمكنه أن يلقى الحاكم ويكون قادرا على لقائه أو له من يلقاه له فإذا كان هذا هكذا فلم ينفه لم يكن له نفيه ولا وقت في هذا إلا ما وصفت ولو قال قائل فإذا كان حاضرا فكان هذا فالمدة التي ينقطع فيها أن يكون له نفيه فيها ثلاثة أيام كان مذهبا محتملا فإن لم يصل إلى الحاكم أو مرض أو شغل أو حبس فأشهد فيها على نفيه ثم طلب بعدها كان مذهبا لما وصفنا في غير هذا الموضع من أن الله تعالى منع من قضى بعذابه ثلاثا (وأن رسول الله ﷺ أذن للمهاجر بعد قضاء نسكه بمقامه ثلاثا بمكة)، قال وأي مدة قلت له نفيه فأشهد على نفيه وهو مشغول بأمر يخاف فوته أو بمرض لم ينقطع نفيه وإن كان غائبا فبلغه فأقام وهو يمكنه المسير لم يكن له نفيه إلا بأن يشهد أنه على نفيه ثم يقدم، قال وإن قال قد سمعت بأنها ولدت ولم أصدق فأقمت فالقول قوله أو قال لم أعلم فالقول قوله ولو كان حاضرا ببلدها فقال لم أعلم أنها ولدت فالقول قوله وعليها البينة، قال وإن كان مريضا لا يقدر على الخروج أو محبوسا أو خائفا فكل هذا عذر فأي هذه الحال كان فله أن ينفيه حتى تأتي المدة التي لا يكون له بعدها نفيه. وهكذا إن كان غائبا ولو نفى رجل ولد امرأته قبل موتها ثم مات قبل أن يلاعنها أو ماتت قبل أن ينتفي من ولدها ثم انتفى منه التعن ونفاه وسواء كانت ميتة أو حية وإذا قذفها ثم ماتت أو قذفها بعد الموت وانتفى من ولدها فلم يلتعن فلورثتها أن يحدوه.