كتاب الأم/كتاب جراح العمد/ما أصاب المسلمون في يد أهل الردة من متاع المسلمين
[قال الشافعي]: رحمه الله: وإذا أسلم القوم، ثم ارتدوا عن الإسلام في دار الإسلام وهم مقهورون أو قاهرون في موضعهم الذي ارتدوا فيه وادعوا نبوة رجل تبعوه عليها أو رجعوا إلى يهودية أو نصرانية أو مجوسية أو تعطيل أو غير ذلك من أصناف الكفر فسواء ذلك كله وعلى المسلمين أن يبدءوا بجهادهم قبل جهاد أهل الحرب الذين لم يسلموا قط فإذا ظفروا بهم استتابوهم فمن تاب حقنوا دمه بالتوبة وإظهار الرجوع إلى الإسلام ومن لم يتب قتلوه بالردة وسواء ذلك في الرجل والمرأة.
[قال الشافعي]: وما أصاب أهل الردة للمسلمين في حال الردة أو بعد إظهار التوبة في قتال وهم ممتنعون أو غير قتال أو على نائرة أو غيرها فسواء والحكم عليهم كالحكم على المسلمين لا يختلف في العقل والقود وضمان ما يصيبون وسواء ذلك قبل يقهرون أو بعد ما قهروا فتابوا أو لم يتوبوا لا يختلف ذلك.
[قال الشافعي]: فإن قيل: فما صنع أبو بكر في أهل الردة؟ قيل: قال لقوم جاءوه تائبين تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم فقال عمر لا نأخذ لقتلانا دية.
[قال الشافعي]: فإن قيل: فما قوله تدون قتلانا؟ قيل: إذا أصابوا غير متعمدين ودوا وإذا ضمنوا الدية في قتل غير متعمدين كان عليهم القصاص في قتلهم متعمدين وهذا خلاف حكم أهل الحرب عند أبي بكر. فإن قيل: فما نعلم أحدا منهم قتل بأحد؟ قيل: ولا يثبت عليه قتل أحد بشهادة ولو ثبت لم نعلم حاكما أبطل لولي دم قتيل أن يقتل له لو طلبه والردة لا تدفع عنهم عقلا ولا قودا ولا تزيدهم خيرا إن لم تزدهم شرا.
[قال الشافعي]: فإذا قامت لمرتد بينة أنه أظهر القول بالإيمان، ثم قتله رجل يعلم توبته أو لا يعلمها فعليه القود كما عليه القود في كافر أظهر الإيمان فلا يعلم إيمانه وعبد عتق ولا يعلم عتقه ثم قتلهما فيقتل بهما في الحالين في بلاد الإسلام.
[قال الشافعي]: ولو كان كافرا فأسلم في بلاد الحرب فأغار قوم فقتلوه لم تكن له دية وكانت فيه كفارة.
[قال الشافعي]: ولو عمد رجل قتله في غير غارة وقد أظهر الإسلام قبل القتل وعلمه القاتل قتل به وإن لم يعلمه وداه؛ لأنه عمده وهو مؤمن بالقتل وإنما يسقط عنه العقل والقود إذا قتله غير عامد لقتله بعينه كأنه قتله في غارة لقول الله عز وجل: {فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة}.
[قال الشافعي]: يعني - والله أعلم - في قوم عدو لكم.