كتاب الأم/كتاب جراح العمد/ما قتل أهل دار الحرب من المسلمين فأصابوا من أموالهم
[أخبرنا الربيع] قال: [قال الشافعي]: رحمه الله: وما نال أهل دار الحرب من المشركين من قتل مسلم أو معاهد أو مستأمن أو جرح أو مال لم يضمنوا منه شيئا إلا أن يوجد مال لمسلم أو مستأمن في أيديهم فيؤخذ منهم أسلموا عليه أو لم يسلموا، وكذلك إن قتلوا وحدانا أو جماعة أو دخل رجل منهم داخل بلاد الإسلام مستترا أو مكابرا لم يتبع إذا أسلم بما أصاب ولم يكن لولي القتيل عليه قصاص ولا أرش ولا يتبع أهل دار الحرب من المشركين بغرم مال ولا غيره إلا ما وصفت من أن يوجد عند أحد منهم مال رجل بعينه فيؤخذ منه. فإن قال قائل: ما دل على ما وصفت؟ قيل: قال الله عز وجل: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وما قد سلف تقضي وذهب ودلت السنة عن رسول الله ﷺ على أنه يطرح عنهم ما بينهم وبين الله عز ذكره والعباد وقال رسول الله ﷺ: (الإيمان يجب ما كان قبله) وقال الله تبارك وتعالى: {وذروا ما بقي من الربا} ولم يأمرهم برد ما مضى منه وقتل وحشي حمزة فأسلم فلم يقد منه ولم يتبع له بعقل ولم يؤمر له بكفارة لطرح الإسلام ما فات في الشرك، وكذلك إن أصابه بجرح؛ لأن الله عز وجل قد أمر بقتال المشركين الذين كفروا من أهل الأوثان: {حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} وقال عز وجل: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله} إلى قوله: {وهم صاغرون} وقال رسول الله ﷺ: (لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله) يعني بما أحدثوا بعد الإسلام؛ لأنهم يلزمهم لو كفروا بعد الإسلام القتل والحدود ولا يلزمهم ما مضى قبله.
[قال الشافعي]: وهكذا كل ما أصاب لهم مسلم أو معاهد من دم أو مال قبل الإسلام والعهد فهو هدر ولو وجدوا مالا لهم في يدي رجل لم يكن لهم أخذه ولو تخول رجل منهم أحدا قبل الإسلام لم يكن له الخروج من يديه؛ لأن دماءهم وأموالهم مباحة قبل الإسلام أو العهد لهم وهم مخالفون أهل الإسلام فيما وجد في أيديهم لمسلم بعد إسلامهم؛ لأن ذلك يؤخذ منهم بعد إسلامهم؛ لأن الله عز وجل قضى في رد الربا برد ما بقي منه ولم يقض برد ما قبض فهلك في الشرك.
[قال الشافعي]: وما أصاب الحربي المستأمن أو الذمي لمسلم أو معاهد من دم أو مال أتبع به؛ لأنه كان ممنوعا أن ينال أو ينال منه.