كتاب الأم/كتاب ما اختلف فيه أبو حنيفة وابن أبي ليلى/باب في العارية وأكل الغلة
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أعار الرجل الرجل أرضا يبني فيها ولم يوقت وقتا، ثم بدا له أن يخرجه بعدما بنى فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول نخرجه ويقال للذي بنى انقض بناءك وبهذا يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول: الذي أعاره ضامن لقيمة البنيان، والبناء للمعير، وكذلك بلغنا عن شريح، فإن وقت له وقتا فأخرجه قبل أن يبلغ ذلك الوقت فهو ضامن لقيمة البناء في قولهما جميعا.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا أعار الرجل الرجل بقعة من الأرض يبني فيها بناء فبناه لم يكن لصاحب البقعة أن يخرجه من بنائه حتى يعطيه قيمته قائما يوم يخرجه، ولو وقت له وقتا وقال أعرتكها عشر سنين وأذنت لك في البناء مطلقا كان هكذا ولكنه لو قال فإن انقضت العشر السنين كان عليك أن تنقض بناءك كان ذلك عليه؛ لأنه لم يغر إنما هو غر نفسه.
[قال]: وإذا أقام الرجل البينة على أرض ونخل أنها له، وقد أصاب الذي هو في يديه من غلة النخل، والأرض فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول: الذي كانت في يديه ضامن لما أخذ من الثمر وبه يأخذ، وكان ابن أبي ليلى يقول لا ضمان عليه في ذلك.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا كانت النخل، والأرض في يدي الرجل فأقام رجل عليها البينة أنها له منذ عشر سنين، وقد أصاب الذي هي في يديه ثمرها منذ عشر سنين أخرجت من يديه وضمن ثمرها وما أصاب منها من شيء فدفعه إلى صاحب البينة فإن كانت الأرض تزرع فزرعها للزارع وعليه كراء مثل الأرض وإن كان لم يزرعها فعليه كراء مثل الأرض.
[قال]: وإذا زرع الرجل الأرض فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول: الزرع للذي كانت في يديه وهو ضامن لما نقص الأرض في قول أبي حنيفة ويتصدق بالفضل، وكان ابن أبي ليلى يقول لا يتصدق بشيء وليس عليه ضمان.
[قال]: وإذا أخذ الرجل أرض رجل إجارة سنة وعملها وأقام فيها سنتين فإن أبا حنيفة رحمه الله تعالى كان يقول هو ضامن لما نقص الأرض في السنة الثانية ويتصدق بالفضل ويعطي أجر السنة الأولى، وكان ابن أبي ليلى يقول عليه أجر مثلها في السنة الثانية.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا تكارى الرجل الأرض ليزرعها سنة فزرعها سنتين فعليه كراؤها الذي تشارطا عليه في السنة الأولى وكراء مثلها في السنة الثانية، ولو حدث عليها في السنة الثانية حدث ينقصها كان ضامنا، وهكذا الدور، والعبيد والدواب وكل شيء استؤجر.
[قال]: وإذا وجد الرجل كنزا قديما في أرض رجل، أو داره فإن أبا حنيفة رضي الله عنه كان يقول هو لرب الدار وعليه الخمس وليس للذي وجده منه شيء، وكان ابن أبي ليلى يقول هو للذي وجده وعليه الخمس ولا شيء لصاحب الدار والأرض فيه وبه يأخذ.
[قال الشافعي] رحمه الله تعالى: وإذا وجد الرجل كنزا جاهليا في دار رجل فالكنز لرب الدار وفيه الخمس، وإنما يكون الكنز لمن وجده إذا وجده في موضع لا يملكه أحد، وإذا كان الكنز إسلاميا ولم يوجد في ملك أحد فهو لقطة يعرفه سنة، ثم هو له.