كلمة الأمين العام للأمم المتحدة أمام اجتماع وزراء الخارجية بشأن العراق
أصحاب السعادة،
سيداتي وسادتي،
أشكر وزير الخارجية أحمد أبو الغيط على استضافته هذا الاجتماع وعلى الترحيب الحار والحفاوة التي حظي بها كل واحد منا.
إنه لشرف لي أن انضم إليكم في هذا الاجتماع الموسع الهام لوزراء خارجية العراق والدول المجاورة له. وأتطلع إلى مواصلة وتعزيز جهودنا المشتركة في الشهور القادمة لتعزيز السلام والتعاون وحُسن الحال في العراق والمنطقة.
وفي زيارتي الأخيرة التي قمت بها إلى بغداد، شهدت بنفسي العديد من التحديات المعقدة التي تواجه العراق.
إذ لا يزال العنف يحصد يوميا أرواح الكثير من المدنيين على نحو يثير الجزع.
والتشريد يطال أعدادا كبيرة من الناس، سواء داخل العراق أ ووراء حدوده. وإنني أثني بشكل خاص على كل من الأردن وسوريا لقيامهما بمد يد العون للكثير من العراقيين المحتاجين. ومنذ أسبوعين ، عقدت الأمم المتحدة مؤتمرا دوليا في جنيف، نجح في حشد دعم مالي وغيره من الدعم لتلبية الاحتياجات العاجلة للذين شُرِّدوا.
وفي مواجهة الكثير من الغموض ، توجد كذلك بعض الدلائل الايجابية. ففي كل يوم، يواجه الملايين من العراقيين العنف بطريقتهم الخاصة وذلك بالاستمرار في حياتهم اليومية. ورغم أن القنبلة التي انفجرت داخل مبنى البرلمان في 12 نيسان/أبريل، التي أدت إلى مقتل ثلاثة أشخاص من بينهم عضو في البرلمان، تعتبر هجوماً ينم عن تجرؤ بالغ،. فقد أقدم البرلمان في اليوم التالي، إظهارا لتضامنه، إلى عقد ”جلسة تحد“ ولا يزال يواصل أعماله في ظل ترتيبات أمنية مشددة. ويُتوقع مناقشة تشريعات هامة تتعلق بالهيدروكربونات، وتقاسم الإيرادات والمساءلة والمصالحة في البرلمان قريبا. وتناقش لجنة مراجعة الدستور المسائل الأساسية للدولة، وهي عملية يمكن أن تكون أداة هامة لتحقيق المصالحة الوطنية.
وإنني ملتزم بشدة بأن تبذل الأمم المتحدة المزيد من أجل العراق، وخاصة في المجالات التي تتمتع فيها المنظمة بميزة نسبية، مثل تيسير العملية السياسية والمساعدة الإنسانية. ولن يتحقق الأمن في العراق بالوسائل العسكرية وحدها. بل يتطلب تضافر الجهود الحقيقية لتعزيز المصالحة الوطنية، والحد من التوتر الطائفي، وتعزيز الوحدة الوطنية من جبال كردستان، إلى بغداد وأراضي النهرين العظيمين، حتى البصرة والأهوار في الجنوب. ويجب على الحوار داخل العراق أن يقود الطريق، لكن الدعم الإقليمي والدولي يعتبر أمرا حيويا. وإني أحثكم جميعكم على القيام بواجبكم في شجب العنف الطائفي، وتعزيز التبادل الثنائي في المنطقة، وتشجيع الحوار الوطني داخل العراق.
والحاجة إلى التعاون تعود تحديدا إلى صعوبة أعمال العنف وإلى كونها ترتكب بشكل يومي. ولكل طرف منكم دور حاسم يجب أن يؤديه. ويجب أن نكفل أن تكون القرارات التي نتخذها والعلاقات التي نقيمها هنا اليوم مدعومة بآليات متابعة مناسبة. ويمكن للأفرقة العاملة التي اُقترحت في الاجتماع الذي عقد في بغداد في 10 آذار/مارس أن توفر أساسا للعمل المركز والملموس. ويحدوني الأمل في أن يؤدي هذا الاجتماع إلى إنشاء تلك الأفرقة العاملة كوسيلة للتعاون المتين والتشاور حول القضايا المهمة لنا جميعنا. وستشارك الأمم المتحدة في كل فريق من الأفرقة العاملة، ونحن على استعداد لدعم هذه العملية على أكمل وجه ممكن.
وفى الوقت نفسه، فإن عملنا لا يقتصر على ما يجري في الأفرقة العاملة. إذ يمثل إطلاق العقد الدولي البارحة خطوة هامة أخرى في تعزيز علاقة الدعم والتنمية على نحو متبادل بين العراق والمجتمع الدولي. وسيبدأ تنفيذ العقد وعناصره بجدية، بما في ذلك العناصر السياسية والأمنية. وسيوفر ذلك ساحة هامة لتعزيز التقدم الظاهر والملموس.
أصحاب السعادة،
إن الجهد الذي نشارك فيه جميعنا اليوم لدعم العراق هو جزء من التحدي الأكبر الذي تواجهه المنطقة. فالحالة في الشرق الأوسط معقدة ومحفوفة بالمخاطر. وتوجد لدى العراق والبلدان المجاورة له خلافات حتمية فيما بينها حول عدد من القضايا. وبالإضافة إلى العراق، لا يزال الارتياب العميق والجمود السياسي يعرقلان السلام في أجزاء أخرى من المنطقة.
لذلك يكتسب هذا الاجتماع أهمية خاصة. وتوجد لديكم جميعكم مصلحة مشتركة وواضحة في تعزيز الاستقرار في العراق، وفي الحرص على عدم انتشار عدم الاستقرار إلى بلدان أخرى في المنطقة، بل وإلى ما وراءها. فرغم أن العراق والبلدان المجاورة له يقعان في مركز الأحداث، فإن على الآخرين تقديم المساعدة، بمن فيهم الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن وأعضاء مجموعة الثمانية.
وخلال زياراتي الأخيرة، كانت القوة التي يتعين على المنطقة أن توفرها لشعبها ولكل منها، بارزة بوضوح تام. وإنه يسعدني أننا جئنا جميعنا إلى هنا اليوم بروح من القوة والحكمة لمواجهة عدم الاستقرار والمعاناة معا.
وإننا بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى أن نترجم الكلام إلى تقدم ملموس ومستمر. ويجب أن يكون التعاون الإقليمي والدولي لدعم العراق في مقدمة أولوياتنا. وبدون ذلك ، فإن نطاق العنف قد لا يعرف حدودا ، وقد لا يعرف شعب العراق السلام. وإنـي أتطلع للعمل معكم في الجهود المبذولة لبناء مستقبل مفعم بمزيد من الأمل للعراق والمنطقة.
شكرا جزيلا.