لأمر طويل الهم نزجي العرامسا

لأمرٍ طويلِ الهمّ نزجي العرامسا

​لأمرٍ طويلِ الهمّ نزجي العرامسا​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


لأمرٍ طويلِ الهمّ نزجي العرامسا
وتطوي بنا أخفاقهنّ البسابسا
وتذعرُ بالبيداء عيناً شوارداً
تذكّرُ بالأحداق عيناً أوانسا
عذارَى تَرَى الحسنَ البديعَ مُطابِقاً
لأنواعها في خلقِهِ ومجانسا
أعاذلُ دعني أطلقِ العبرة التي
عَدِمْتُ لها من أجمل الصَبْرِ حابسا
فإني امرؤ آوى إلى الشجنِ الذي
وجدتُ له في حَبّةِ القلب ناخسا
لقدّرت أرضي أن تعود لقومها
فساءَتْ ظُنُونِي ثم أصبحتُ يائسا
وعَزّيْتُ فيها النّفْسَ لمَّا رأيْتُها
تكابدُ داءً قاتل السمّ ناحسا
وكيف وقد سيمتْ هواناً وصيّرتْ
مساجدَها أيدي النّصارى كنائسا
إذا شاءَتِ الرّهْبانُ بالضَرْبِ أنْطَقَتْ:
مع الصبح والإمساءِ فيهعا النواقسا
لئن كان أعيا كلَّ طبٍّ علاجها
فكم جَرَبٍ في السيفِ أعيا المَداوِسا
فك صقيلةٌ كادَ الزمانُ بلادها
وكانت على أهلِ الزّمانِ محارسا
فكم أعينٍ بالخوف أمستْ سواهراً
وكانت بطيبِ الأمنِ منهم نواعسا
أرى بَلَدِي قد سامَهُ الرومُ ذلّةً
وكان بقومي عزّه متقاعسا
وكانت بلادُ الكفر تلْبَسُ خَوْفَهُ
فأضحى لذاك الخوف منهنّ لابسا
عدمتُ أُسودا منهمُ عَرَبِيَةً
ترى بين أيديها العلوجَ فرائسا
فلم تَرَ عَيْني مثْلَهُمْ في كتيبةٍ
مضاربَ أبطالِ الحروبِ مَدَاعسا
ويا ربّ برّاقِ النضالِ تخالُهُ
من النقع ليلاً مُشْرِقَ الشهب دامِسا
خلوا بين أطراف القنا بكماتِهِ
لطعنٍ من الفرسانِ يخلي القوانسا
وما خلتُ أنَّ النار يبردُ حرها
على سعفٍ لاقته في القيظ يابسا
أما مُلِئَتْ غزوا قَلَوْرِيَّةٌ بِهِمْ
وأرادوا بطاريقاً بها وأشاوسا
همُ فتحوا أغلاقَها بسيوفهمْ
وهمْ تركوا الأنوارَ فيها حنادسا
وساقوا بأيدي السبي بيضاً حواسراً
تَخَالُ عليهنّ الشعورَ برانِسا
يخوضونَ بحرا كلّ حين إليهمُ
بِبَحْرٍ يكونُ الموجُ فيه فوارسا
وحربيّةٍ ترمي بِمُحْرقِ نِفْطِهَا
فَيَغْشَى سَعُوطُ الموتِ فيها المعاطسا
تراهُنّ في حُمْرِ اللّبودِ وصُفْرِها
كمثل بناتِ الزّنج زُفّتْ عَرائِسَا
إذا عَثّنَتْ فيها التنانيرُ خلتَها
تُفتِّحُ للبركان عنها منافسا
أفي قَصْرينِّي رُقْعَةٌ يَعْمُرُونها
وَرَسْمٌ من الإسلامِ أصبح دارسا
ومن عجبٍ أنّ الشياطين صيّرت
بروجَ النجومِ المحرقاتِ مجالسا
وأضحت لهم سرقوسةٌ دارَ منعةٍ
يزورون بالديرين فيا النواوسا
مَشَوْا في بلادٍ أهْلُهَا تَحْتَ أرْضِهَا
وما مارسوا منهم أبياً ممارسا
ولو شُقّقَتْ تلكَ القبوُر لأنهَضَتْ
إليهم من الأجداثِ أُسْدا عوابِسا
ولكن رأيتُ الغيل إن غابَ ليثُهُ
تبختر في أرجائه الذئب مائسا