لأمورك التكميل والتتميم

لأموركَ التكميلُ والتتميمُ

​لأموركَ التكميلُ والتتميمُ​ المؤلف ابن الرومي


لأموركَ التكميلُ والتتميمُ
ولقدرك التعظيمُ والتفخيمُ
يامن تحسَّنَ بالمحامِد عالما
أن الذميمَ من الرجالِ ذميمُ
يامن تحصَّن بالمرافد مُوقنا
أن البخيلَ من الرجالِ رجيم
يامن أظلَّ على الكريم برتبةٍ
فهو البديعُ ومن حكاه كريم
يامن إذا سوَّمتُ شعري باسمه
لم يُخزِ شعري ذلك التسويم
من كان خِلاًّ للعُفاةِ وصاحباً
فأقول إنك للعفاة حَميمُ
فُتَّ الرجالَ فلا كَسَعْيِكَ للعلا
سهيٌ نراه ولاكخِيمك خيمُ
بالبرّ تسترهُ ويشهرُ نفسه
أبدا وتكتمُه وفيه تميم
العرفُ غيث وهو منك مؤمَّلٌ
والبشر برقٌ وهو منك مشيم
ألقحتَ أم الجُودِ بعد حِيالها
ونتجت أمَّ المجدِ وهي عقيم
وحقرتَ أعظمَ ماتُنيلُ من الجدا
فأتاه من تلقائنا التعظيم
متواضعاً أبدا وأنت بربوةٍ
مُتضائِلاً أبدا وأنت عظيم
فإذا تفاخرتِ الرجالُ فإنما
منك السكوت ومنهم التسليم
شهدوا وهم علماءُ أنك سيدٌ
وسكتَّ مَكْفيا وأنت عليم
لم لا وأنت إذا سألنا مُفضلٌ
ومتى هفونا هفوةً فحليم
وإذا شكرنا البدءَ منك فعائدٌ
ومتى شكونا جفوةً فرحيم
ورجاؤنا فيك اليقينُ بعينه
ورجاؤنا في غيرك الترجيم
نغدو وأبواب الملوك مخازناً
وببابك التعريج والتخييم
لله أخلاقٌ مُنحتَ صفاءها
مثل الرحيق مزاجهُ التسنيم
بعثتْ سماحك في ثرائك عائثاً
فالمالُ ينغلُ والأديمُ سليم
شكر الإله لك اصطناعاً شاملا
لم يُحمَ من ذخرٍ عليه حريم
بل كيف يشكرك اصطناعَ صنائع
صدقُ التذاذكِ فعلهن قديم
أعجِبْ بأمرك أن أَجرتَ وإنما
إسداؤكَ النّعمى لديك نعيمُ
لكنَّ فضلَ اللَّهِ غيرُ مُحرَّمٍ
إذ عاقَ فضل مُبخَّلٍ تحريمُ
يُسنى الجزاء على الفعالِ لذيذه
وأليمه إن كان منه أليم
يا آل حماد العلا مافيكمُ
إلا كريمٌ ماجدٌ وحكيم
بكمُ تغيم سماؤنا في جَدْبنا
وتقشعُ الشبهاتُ حين تغيم
وأقول بعد فريضة من مدحكم
لا اللغو خالطها ولا التأثيم
ومن المقال فرائضٌ ونوافل
والفرضُ مفترضٌ له التقديم
لك عادةٌ في القطن غيرُ ذميمةٍ
وهو الرياش وأنت إبراهيم
ولفوته عامانِ تُوبع فيهما
ولعجزِنا وسكوتنا التظليم
ما إن ظلمتَ فلا ألمتَ بل الذي
تركَ امتياحكَ ظالمٌ ومُليم
ولما رغبنا عنك لكنْ صدَّنا
خلقٌ بحرمان الحظوظِ زعيم
عرضَ اللئيمُ من الحياءِ فعاقنا
إن الحياءَ من الكريم لئيم
وقد استقلْنا والندامةُ توبة
وقد اقتضينا والمحقُّ غريم
فاقسمْ لنا من ريع قطنك حِصةً
إن الكريمَ لمرتجيه قسيم
وأطِبْ وأكثر إن فعلتَ فلم تزل
تهبُ الجسيمَ فلا تقول جسيم
بيدين من متفضلٍ متطولٍ
مذ كان لم يعدم جداهُ عديم
كلتاهما لمقبِّلٍ ومؤملٍ
يرجو غياثكَ زمزمٌ وحطيم
لاتُبطلنَّ صنيعةً أوليتها
إن الصنيعةَ حقُّها التتميمُ
حاشا لمرتضعٍ ثُديَّ كفايةٍ
لك أن يراهُ الناسُ وهو فطيمُ
وأصخْإلى مِثلي فإني ضاربٌ
مثلا ومنك الفهمُ والتفهيمُ
الأرض تُنبتُ كلَّ حينٍ نبتها
ولها جميمٌ تارةً وهشيم
ولأنت أكرمُ شيمةً إذ لم تزل
ليديك نبتُ لا يهيجُ عميم
ولما أخالُ الأرضَ توقظُ جُودها
لمنافع شتى وأنت مُنيم
لأحقُّ أن يبقى على عاداتِه
خرقٌ صريح في الكرام صميم
حاشاك تقطعُ ما الترابُ مُديمه
أتراكَ تقطع والتراب يديم
انى وعزمُكَ في السماح كأنه
سيفُ الشُّراةِ شعارهُ التحكيم
عزمٌ تَناذره العواذلُ بعدما
علم العواذلُ أنه التصميم
إني على ثقةٍ بأنك ماجدٌ
فكأنني فيما أقول خصيم
وأطيلُ في حاجي عليك تسحُّبي
فكأنني فيما ملكتَ سهيم
والمجدُ ضامك لي وأنت بنجوةٍ
فيها ثُويُّ العِز ليس يريم
فاقبل من المجد المؤثَّل ضيمَهُ
فلقد يعزُّ المرءُ وهو مضيم
ذكَّرتُك المعروفَ غيرَ مُعلَّم
ولمثلك التذكيرُ لا التعليم
أنّى يقوَّمُ من كفاهُ قوامُه
سبق القوام فأُسقط التقويم
والمالُ ينفق والصنيعةُ عقدةٌ
والوفرُ يَظْعن والثناء مقيمُ
ولأُنشقنَّكَ من ثنائي نفحةً
كالمسك يجلبُه إليك نسيمُ
ولأكسونّك من فعالك حلةً
قد زانها التحبير والتسهيم
ولأطربنّك أو تميدَ مُرنَّحا
حتى كأنك للغريض نديم
ولأتركنك في الرجال وغيرهم
وكأن ذكرك في الحشا تتييم
خذها أبا العباس من متنخِّلٍ
يُطريك منه محسنٌ ومديم
وليومِك التأخيرُ ما امتدَّ المدى
بمعمَّر ولشأوِك التقديم