لسان غصن لبنان في انتقاد العربية العصرية/في بعض التراكيب السقيمة والألفاظ المعربة

ملاحظات: المطبعة العثمانية في بعبدا (لبنان) (1891)، الصفحات ٥٦–٥٩
 

في بعض التراكيب السقيمة والالفاظ المعرَّبة

(الذي كان سيناله) فيه اقتران الفعل الماضي بسين الاستقبال — (قلْ من هو. قال فلان بحدة) تركيب افرنجي لانهم يقدمون مقول القول على القول وقائلهِ) — (لم تكن كثرة عددهم لتروع (فلانًا) عن اتمام مراده). لا يقال راعني عن كذا — (يكون معلومًا منك) — اي عندك — (فكانهما خلقا من نصيب بعضهما) غير عربي — (فليست طريقة غير هذه تمكني من ذلك). كثيرًا ما يستعملون فعل مكَّن وامكن في حالة الرفع مدغم اللام بنون الوقاية او نون نا فيقولون يمكنّي ولا يمكنَّا ولو كان ذلك غلط طبع لم يتكرر في عدة مواضع (يا سيديّ العروسان الموهومان. اللذان) يريد الوهميّين. ويلزم نصب العروسين وما بعده — (ان الوقت لم ياتِ بعد حينما يعرّفني بنفسه) عبارة افرنجية — (لتضحية ايام سعادتنا على مذبح عنادك) افرنجية — (يزدرد الطعام ويلتهمه) الالتهام قبل الازدراد — (ولكنني مذنب فيما انني لا استحق الموت) اي مع انني — (لست لتحصل على كذا.) صاروا يستعملون لام الجحود في خبر ليس وكاد ونحوهما مع انها مختصة بكان المنفية — (يا فلان الجيد.) فرنسوبة لا يقولها العرب ولا العامة — (انا هي من تعني عنها.) اي تعنيها — (وما لبثت العربة تنحدر تارة وترتفع اخرى.) اي ما زالت — (لان الطعام. لا يلبث ويحضر). اي لا يلبث ان يحضر — (ودلائل النعمة والرفعة ظاهرتان) اسند الفعل الى ضمير المضاف اليه وهو منكر الا مع بعض وكل — (لوفّرت عليك هذاالتعب.) اي لخففت عنك او لارحتك من — (مدججين بالسلاح الى اسنانهم.) لو قال مسلحين الى اسنانهم لانطبق الكلام على الفرنسوية (armés jusqu’ aux dents) والعرب تقول مدججين بالسلاح فقط — (ولم اتمالك نفسي) اي اتمالك او املك نفسي. ومثل هذا مكرر كثيرًا

ومن جملة ما يقولون اشهر عملهُ او سيفهُ والصواب شهر فهو مشهور. وذهبنا سوية والصواب معًا. وانعكف والصواب عكف او اعتكف. ونقطة الماء ونحوه والصواب قطرة. ومهاب والصواب مهيب. ومُعاب والصواب معيب. والاتيان بالامر باللام للمخاطب نحو لتعلم يا فلان اي اعلم وهو ممتنع واما قوله اذا اسود وجه الليل فلات. فشاذ. هذا فضلًا عن كثرة الغلط الفاحش في قواعد التصريف والاعراب

ويقولون قتل الوقت (tuer le temps) اي اضاعه سدًا. وشكرًا حضورك نلنا المراد (grâce a....) اي بسبب حضورك وقرأت على وجهه الغضب (lire sur son visage) اي بدا لي في وجهه او توسمت في وجههِ الغضب. وقرأت في قلبه (Jai lu dans son coeur) اي عرفت باطنهُ. ودرس الفن الفلاني او العمل الفلاني بمعنى مارسه واشتغل فيه او دقق النظر والبحث فيه ونحو ذلك وهو تعريب (étudier) بمعناها الدارج في المدراس. وفي نحو (mon beau frère ou le mari de ma soeur) يقولون صهري او زوج اختي. والحق أن معنى (ou) في مثل هذا أي التفسيرية لا أو التخييرية — ويقولون مثلًا اكتسب فلان خمسين صوتًا (voix) والحقا ن هذه الكلمة يراد بها هنا (avis, opinion) اي رأي والصوت لا يكون بمعني الراي.

ومما وجد في كتب العرب ابو قَلَمون. فقالوا انهُ ثوب رومي مخطط وذكر ابن الاثير في المثل السائر انه اسم طائر كثير الالوان نسجوا الثوب المذكور على مثالهِ ولذلك يتصرفون في هذه الكلمة تصرفهم بالكنية المصدرة باب. والحال على ما اظن انها لفظة يونانية الاصل (hypocamélos) اي تحت الجمل. ويراد بذلك الحرباء لما بين ظهره وسنام الجمل من المشابهة ولذلك يضرب بهِ المثل في التلون. ووروده في مقامات البديع اذا دُقّق النظر يبين ذلك فانه قال

انا ابو قلمونُ
في كل لونٍ اكونُ

فداعي الرفع في كل القوافي دليل على اطلاقها فيلزم ضم نون اللفظة المذكورة للتصريع. فتأمل. فهو على مثال «ابقراط الذي اصله ايبوكرانس وقلفطريات رأيتها في بعض كتب اللغة في باب القاف وانها علامات للسُرة وصوابها فلقطير قال بشرل المشهور ان هذه الكلمة (phylactère) من فيلاكتيرون باليونانية وهي تعاويذ عند القدماء للوقاية من بعض المكروهات. وعند العبرانيين قطعٌ من الرقّ كانوا يكتبون عليها آيات من التوراة

والأغيس. قالوا انه يوناني معناه الطاهر وهو البنجكشت والصواب انه لاتيني الاصل ويسميه علماء النبات أَغنُس كَسْتُسْ (agnus castus)اي الحمل العنيف وهو نبات سمّي بذلك لانهم كانوا يزعمون انه مضعف قوة الباه

وفَقَنَّس بفاء فقاف مفتوحتين فنون مشددة. وهو طائر عجيب ذَكره الفيروزبادي ويزعمون ان له الحانًا عجيبة واحوالًا غريبة كما هو مشروح في قاموسهِ. وهو ماخوذ لفظة من (phenix) فالظاهر انها عُرّبت فِنَقَسْ بفاء مكسورة فنون مفتوحة فقاف ساكنة حتى تجيء على وزن دِمَقس فبتكرار النسخ غيّرت عن اصلها كما رايت فالاحسن ان ترجع الى لفظها الصحيح. والبعض يترجمها بالعنقاء وهو وَهْم

وبحر نيطش بنون قبل الياء. والصواب بُنْطُس بالباء مضمومة قبل النون لان اصله (pontus) وهو اسم اسيا الصغرى واسم البحر بنطس اكسينوس أي البحر المضياف وهو البحر الاسود

وبطليموس بتقديم الياء على الميم وصحته بطُلْميوس بالميم قبل الباء لان اصلهُ (ptolémaeus)

وغير ذلك مما ليس في بالي الآن واذا اتفق لي شيء ساذكره في القسم الثاني من هذا الكتاب ان شاء اللّه